جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم حمادة فراعنة
تتواصل الاحتجاجات لدى مجتمع المستعمرة الإسرائيلية، وتتسع نوعية المشاركين بها ولها مهنياً واجتماعياً، وخاصة من قبل متقاعدي الجيش والأجهزة الأمنية، مما يؤكد أن الاحتجاجات ليست إجرائية فقط، تتعلق بتنفيذ أو تعديل القوانين المؤثرة على الجهاز القضائي، مما يجعل مرجعيته وصاحب القرار لديه هي السلطة التنفيذية أي الحكومة وأحزابها الائتلافية، وبالتالي تفقد السلطة القضائية استقلالها بفعل هذا القانون الذي صاغته الحكومة تحت عنوان «الإصلاح القضائي» .
الاحتجاجات تعصف بوحدة المجتمع الإسرائيلي، الذي كان أحد عناوين نجاحات المستعمرة وتفوقها وتراكم إنجازاتها، فالمجتمع هو الحاضنة للمشروع الاستعماري التوسعي برمته، إضافة إلى عوامل: 1- الجيش والمؤسسة الأمنية بجناحيها الداخلي الشين بيت، والخارجي الموساد، 2- الدعم الأوروبي السابق الذي تبنى مشروع المستعمرة ووفر له المقدمات والأرضية: بريطانيا وفرنسا وألمانيا، قبل الدعم الأميركي اللاحق الذي تبنى مشروع المستعمرة كاملة: سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وأمنياً ودبلوماسياً.
الحاضنة الاجتماعية لمشروع المستعمرة، تتفكك عبر هذه الاحتجاجات المعبرة عن تفاقم التباينات: 1- بين الشرقيين السفراديم والغربيين الاشكناز، 2- بين المتدينيين وغير المتدينيين، 3- بين اليمينيين والأكثر يمينية والأشد تطرفاً سياسياً ودينياً، وهي ظاهرة غير مسبوقة بهذا المعنى والمستوى والاحتجاج.
الاحتجاجات ما زالت دوافعها داخلية بحتة، غير متأثرة بشكل أو بآخر بالحدث أو بالوضع أو بالفعل الفلسطيني، ولا أحد بعد من الإسرائيليين يملك شجاعة الوعي او القدرة أو التأثير أو سعة الأفق لربط قضايا المجتمع الإسرائيلي بالقضية الفلسطينية أو بالاحتلال والتوسع الاستيطاني، وهذا يعود لسببين أولهما نجاح المستعمرة المتواصل في تحقيق برامجها التوسعية، بدون معيقات جوهرية تعطل مخططاتها التدريجية، وثانيهما فشل الفلسطينيين في اختراق المجتمع الإسرائيلي وكسب انحيازات إسرائيلية لعدالة القضايا والحقوق الفلسطينية، ليكونوا مؤثرين حقيقيين على مسار المستعمرة وسياساتها.
مظاهر الاحتجاجات الإسرائيلية تتواصل وتتسع، بعد أن أقر البرلمان القراءة الأولى لمسودة مشروع القانون بهدف تغيير صلاحيات المحكمة العليا وتقليص صلاحيات الجهاز القضائي وأن تتم تعييناته من قبل الحكومة.
الولايات المتحدة وأوروبا ينظرون لهذه الاحتجاجات ودوافعها بقلق، لأن الإصلاحات القضائية التي يعمل لها نتنياهو ستفقد المستعمرة مضامينها المشتركة مع القيم الأوروبية والأميركية، وتتحول إلى «دولة» أحادية التوجه، بالاتجاه الديني المتشدد والاتجاه السياسي اليميني المتطرف، مثل أي نظام متخلف من بلدان العالم الثالث، إضافة إلى عنصريتها في التعامل مع الفلسطينيين أبناء مناطق الاحتلال الأولى عام 1948، واحتلالها العسكري في التعامل مع الفلسطينيين في مناطق الاحتلال الثانية عام 1967.
لا أريد أن أصل إلى نتيجة متسرعة لأقول إن المستعمرة الإسرائيلية تحمل بذور خرابها بيدها، لأن ذلك لن يتم قبل أن يكون العنصر الفلسطيني مؤثراً حقاً على مسار المستعمرة وتوجهاتها وهذا يبدو ما زال غير متوفر ويحتاج للوقت وللوعي ولليقظة، لطرفي الفعل الفلسطيني في منطقتي 48 و67.