ربما لن يكون عيد الأضحى القادم محطة سلام كما يتمنى الغزيون، بل محطة اشتعال سياسي، وفشل جديد في طريق الوساطات العالقة بين نار المطالب وسقف الرفض.
فبعد أكثر من 600 يوم على بدء الحرب، تبخرت الآمال مجددًا مع الرد الأخير لحركة حماس على مبادرة المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، والتي بدت مرنة في الشكل؛ لكنها مشروطة في العمق.
حماس طالبت بجدولة تبادل الأسرى على مراحل زمنية طويلة، وبضمانات أمريكية مكتوبة تمنع إسرائيل من العودة للحرب بعد انتهاء الهدنة.
مطالبة قد تبدو منطقية في سياق الدمّ والدمار، لكنها بالنسبة لإسرائيل "خط أحمر"، لأنها تُجردها من سلاح الردع وتمنح حماس ما تعتبره "انتصارا سياسيا".
الرد الإسرائيلي كان حادا وسريعا؛ المقترح الأميركي هو الحد الأعلى للتفاوض، وكل تعديل عليه يُعتبر إغلاقا للأبواب، أما ويتكوف، فاعتبر رد حماس "عودة إلى الوراء".
إسرائيل ترفض أي التزام بوقف دائم للحرب، ليس لأنها تريد استمرار القتال فقط، بل لأنها ترى في الغموض والمرونة العسكرية ورقة تفاوضية دائمة، فطالما لا نهاية واضحة للحرب، تبقى يدها العليا على الأرض.
الوساطة الأمريكية الآن أمام اختبارها الأصعب؛ هل تملك واشنطن أدوات الضغط على الطرفين لإنقاذ ما تبقى من المبادرة أم أن منسوب الثقة انهار إلى الحدّ الذي لا يمكن معه ترميم الهدنة؟
وفي هذه اللحظة، يبدو أن الهدنة تنتظر معجزة، والغزيون ينتظرون عيدا لا يشبه الأعياد التي سبقت.