النسخة الكاملة

تشكيلة «قزي وأسطا» لربيع وصيف 2023... رحلة إلى المريخ تأسرها «جاذبية» الأرض

الخميس-2023-02-18 09:29 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - يأتي صوت جورج قزي من باريس؛ حيث كان يصور تشكيلة «قزي وأسطا» لربيع وصيف 2023، مفعماً بالحماس وهو يقول: «المصمم ابن بيئته، والأحاديث والأخبار عن رحلة مرتقبة قريباً إلى كوكب المريخ تسيطر علينا هذه الأيام، وليس هناك مجال لتجاهلها». يزيد حماسه وهو يتابع: «من كان يتصور أن يقوم الإنسان برحلات إلى المريخ، وربما يستقر فيه زمناً؟ فمع اقتراب المُذنب الأخضر من كوكبنا لأول مرة منذ 50 ألف سنة على مسافة 26 مليون ميل (42 مليون كيلومتر) لا حديث لعُشاق المغامرة سوى هذه الوجهة التي يتلهّفون على استكشافها».


أغلب التصاميم كان يصرخ بفنية وتفاصيل مبتكرة تجعل المرأة تشعر بالأمان والثقة حتى وإن كانت في المريخ (خاص)


الثنائي جورج قزي وأسعد أسطا لن يكونا من المحظوظين الذين سترسو عليهم القرعة للسفر إلى هذه الوجهة المثيرة، لكنهما لم يريدا أن يُفوّتا هذه التجربة. فهما يريدان خوضها بطريقتهما الخاصة. شحذا كل طاقتهما وخيالهما لتحويل الحلم والخيال إلى حقيقة. نسجا بخيوط ذهبية ومعدنية قصة بقصّات لا تقل إثارة عن الرحلة المرتقبة. تقول القصة إنه في الوقت الذي كان فيه المتطوعون يتسابقون لحجز أماكن لهم على المركبة الفضائية المتوجهة إلى المريخ مخترقة المجهول، سارع الثنائي جورج وأسعد لضمان تذاكر للمرأة التواقة إلى كل ما هو فريد وجديد، لحضور حفل أوبرا ضخم سيقام في المريخ بمناسبة افتتاح فندق فخم بحلول عام 2025. يُكملان القصة بأنه لم يكن بوسعهما سوى السباق مع الزمن لكي يُوفرا لها أزياء فخمة تليق برحلة العُمر هذه. يستطرد جورج: «لكن لا بد من التنويه هنا بأنه رغم أن فكرة تشكيلتنا لربيع وصيف 2023 تتوجّه نحو المريخ، فإن كل ما فيها يتقيّد بـ(جاذبية) الأرض».

السبب كما يشرح أنه ورفيق دربه أسعد أسطا لم يرغبا في أن يزيدا من إحساسها بالغربة عندما تصل إلى العالم الجديد، لهذا حرصا على ألا يحرماها من الأناقة الرفيعة التي عوّداها عليها. ففي عالم غريب؛ تحتاج هذه المرأة إلى تصاميم تألفها وتزيدها أناقة وثقة في الوقت ذاته؛ «أي تكون بمثابة صمام أمان لها في هذه الرحلة المحفوفة بالغموض» وفق قوله. من هذا المنظور؛ غلبت على تشكيلتهما تصاميم هندسية فنية، تتمثّل في أحجام متنوعة طبعت أسلوبهما منذ بدايتهما، إلى جانب رومانسية شاعرية اكتسباها مع الوقت، وتتجسد هنا في الخطوط الأنثوية والألوان اللذيذة واللعب على الأقمشة المتناقضة والتطريزات.
 
 
لا يُنكر المصممان أن هذه الرحلة نحو المستقبل غذّت شغفهما الفطري بكل ما يتعلق بالاستكشاف والبحث. والنتيجة كانت ولادة تقنيات جديدة في التطريز والشك وفنون الأوريغامي، وأيضاً إدخال ألوان النيون ومواد حديثة. لم يشطحا بخيالهما إلى عالم الكائنات الغريبة يستوحيان منه خطوطاً مستقبلية وألواناً باردة؛ بل استوحياها من النجوم والقمر والمريخ والكواكب والألوان المعدنية ودرجات النيون. وكانت النتيجة أن خيوطاً ذهبية وفضية تغلغلت في العُمق وبين الثنيات، وخطوطاً بتفاصيل هندسية تستحضر حفل الميتروبوليتان بكل مبالغاته الإبداعية والفنية، طبعت الأكتاف حيناً؛ ولعبت على التناقضات بين السميك والشفاف، أو المُفصل بصرامة والمنسدل؛ في القطعة الواحدة حينا آخر. وبهذا نأى المصممان بنفسيهما عن الوقوع في مطب السهل أو الاكتفاء بتبني لغة مستقبلية مباشرة مثل تلك التي رسختها أفلام الخيال العلمي في مخيلتنا.

في المقابل، فضّلا صورة مطبوعة بالشاعرية والدفء. لكن هذا لا يعني أنهما تجاهلا طبيعة الوجهة. فهذه فرضت نفسها من خلال رشّات خفيفة تمثّلت عموماً في ألوان قوس قُزح، بعضها بدرجات النيون والمعادن، بحيث تبدو في بعض الإطلالات كما لو أن إشعاعات فلكية عكست أضواءها عليها وهي تمر عبر الكواكب.

إلى جانب ألوان الأخضر والبنفسجي والأصفر والمرجاني والذهبي والفضي، استعمل المصممان ترصيعات بأحجار الكريستال لتعزيز عنصر البريق، وتطريزات ثلاثية الأبعاد لتعزيز مظهر الفخامة. واللافت هذه المرة أن القفازات كان لها حضور قوي في هذه التشكيلة؛ لأنها من الإكسسوارات الأساسية في حفلات الأوبرا. تأثيرها كان ساحراً؛ لأنها رسّخت صورة الجمال والأناقة في أرقى حالاتهما، كما شكّلت خيطاً مثيراً بين الماضي والحاضر والمستقبل.
 

تنتهي القصة التي حبكها كل من جورج وأسعد كما بدأت بنغمة سعيدة ومتفائلة. فوسط العاصفة المتفجرة بألوان الأصفر والأخضر والأزرق والوردي والبنفسجي والفضي والذهبي، وعلى نغمات موسيقى حالمة، تحط المركبة الفضائية في المريخ. تصل امرأة «قزي وأسطا» إلى وجهتها الأخيرة بأناقة مهيبة. تدخل الحفل بثقة وهي ممسكة بشباك فستانها الطويل «فالز إيكليبس» بتنورته المُقببة والشفافة، أو بفستانها «نوي إيتوال» بتنورته المطرزة ببتلات أزهار ثلاثية الأبعاد تتراقص على درجة من درجاته، أو تختال بكاب طويل أو قصير وفق طول الفستان. المهم أن الخيارات أمامها كثيرة ومتنوعة. كل واحد منها يفي بالغرض المطلوب؛ بدءاً من فستان «سوبرنوفا» بتنورته الواسعة والشفافة، أو فستان «تينور أسترال» بخطوطه الناعمة وتطريزاته المبتكرة، أو فستان «بلو نبتون»، أو «غرين كوميت»، أو «بلانيت موف» بتنورته القصيرة والمُقببة وكاب بالطول والتطريزات نفسيهما يزيد الإطلالة فخامة، أو «تياتر سيليست» بتنورته الطويلة المنحوتة... وهلم جرا. أسماء ترتبط بالنجوم والكواكب والفلك والمذنبات وكل ما يتعلق بها، لكن قانون جاذبية «قزي وأسطا» يشدُها إلى الواقع ويجعلها مناسبة للمرأة في أي زمان ومكان. حتى قطعة «الجاكيت» المستوحاة من سائقي الدراجات النارية ارتقيا بها إلى عالم من الخيال وأدخلاها حفل الأوبرا.

الجميل في هذه الرحلة الخيالية التي قام بها المصممان أنهما استمتعا بها إلى أقصى حد. حتى الأقمشة لم تسلم من شقاوتها الفنية. حوّلا الأقمشة بأنواعها إلى أدوات لخلق تناقض متناغم يتزاوج فيه السميك بالشفاف بأسلوب عصري. مزجا التول، مثلاً، مع الحرير، والأورغنزا مع الساتان، والتول مع التافتا، إضافة إلى الجلود التي طُرّزت بورود ثلاثية الأبعاد تنم أشكالها عن أنها تنبُت وتنمو في عوالم خيالية، من دون أن ننسى أحجار الكريستال، أو تلك القطع المعدنية التي تبدو كأنها شظايا كوكب متفجر، زيّنت بعض التصاميم وزادتها بريقاً وسحراً. بعد التمعن في كل إطلالة، تشعر كما لو أنهما أرادا الانتقام لنفسيهما لعدم قُدرتهما على أن يكونا من بين الـ100 شخص الذين سيُسعفهم الحظ للقيام بهذه الرحلة الفضائية... وما أجمله من انتقام.