جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب - حمادة فراعنة
مجزرة، جريمة، بحق الشعب الفلسطيني ككل، ولمخيم جنين بشكل خاص، يوم الخميس 26 كانون الثاني يناير 2023 ، دوافعها ولادة خلية أو خلايا مقاومة، تعمل المستعمرة وجيشها وأجهزتها على معالجتها وتصفيتها قبل أن تتسع وتتحول إلى ظاهرة مسلحة مؤثرة تشكل مقدمات لإنهاء وجود الاحتلال، وهزيمته ورحيله.
على فصائل المقاومة أن تتعلم من هذا الدرس الدموي، بل الدروس المتراكمة باهظة الثمن :
أولاً أن الاحتلال يستهدف فصيلا دون غيره، ويستفرد به، قام بتصفية قيادات الجهاد الإسلامي في غزة أوائل شهر آب 2022، بدون أي تدخل من قبل حماس الملتزمة بالتهدئة الأمنية، وفتح الملتزمة بالتنسيق الأمني، وها هي اليوم تركيزها على خلايا الضفة الفلسطينية، ومنطقة جنين خاصة وقبلها نابلس، وهكذا تستفرد بكل طرف لوحده، ومنطقة دون أخرى.
ثانياً يجب على فصائل المقاومة وشبابهم عدم الوقوع بالغرور حينما يجدوا لديهم بعض الأسلحة، وبعض الشباب المتحمسين، الذين يخرجون في الجنازات حاملي السلاح وكأنهم في بلد صديق أو منطقة صديقة، متوهمين أن اللثام على وجوههم يحميهم من رصد الاحتلال ومتابعاته واهتماماته.
ثالثاً عليهم أن يدركوا أن المستعمرة واحتلالها وأجهزتها هي المتفوقة ولديها قدرة تكنولوجية في المراقبة، وأن الفلسطينيين هم الحلقة الأضعف في المواجهة، فالعدد البشري للمقاومة محدود، والسلاح المتوفر والذخيرة كذلك، ولهذا يجب توفير السلاح وتوجيهه نحو ضربات موجعة للعدو، والاختفاء كي تبقى عناصر وخلايا المقاومة سرية، بعيداً عن الإدعاء بالبطولة العلنية، أو إطلاق الرصاص على موقع، أو ثكنة، أو حاجز، بدون تحقيق خسائر للعدو، يجب أن يحاسب كل فرد نفسه، ومن قبل فصيله، أن كل طلقة يجب أن تحقق نتائج، لا أن تطلق في المظاهرات أو الأعراس أو الاحتفالات أو الجنازات.
رابعاً لقد استطاع الشعب الفلسطيني بانتفاضته المدنية عام 1987، هزيمة المستعمرة عبر تسليم إسحق رابين، والاعتراف بالعناوين الثلاثة : 1- بالشعب الفلسطيني، 2- بمنظمة التحرير، 3- بالحقوق السياسية للفلسطينيين، وعلى قاعدة هذا الاعتراف تم :
1 - الانسحاب الإسرائيلي التدريجي من المدن الفلسطينية بدءاً من غزة واريحا أولاً.
2 - عودة الرئيس الراحل ياسر عرفات إلى فلسطين ومعه ومن خلاله خلال السنوات 1994، 1999، أكثر من ثلاثمائة الف فلسطيني، عادوا إلى وطنهم لأول مرة.
3 - ولادة السلطة الوطنية على الأرض، مقدمة لولادة الدولة الفلسطينية.
4 - نقل الثورة والنضال والمؤسسة الفلسطينية من المنفى إلى الوطن.
هذا الإنجاز رفضه اليمين الإسرائيلي وقتلوا صانعه الذي اتهموه بالتنازل عن أرض «إسرائيل» وخيانتها، وتم اغتيال رابين في 4/11/1995 ،مما يدلل أن النضال الفلسطيني، يمكنه أن يحقق انجازات ومكاسب، ولا يعود ذلك على شكل واداة عمل كفاحي دون غيرها، بل حجم العمل، واتساع المشاركين فيه ليشمل قطاعات واسعة من الشعب، وتأثير ذلك على المشهد السياسي، فوسائل النضال مجرد أدوات، وعلى قادة المقاومة أن يختاروا الأدوات المتاحة والمناسبة، وليس بالضرورة أن يقتصر ذلك على وسيلة أو أداة دون غيرها.
أبو عمار حينما وجد أن الطريق غدت مسدودة امامه، وعدم مواصلة الانسحابات الإسرائيلية وتوقفها، في مفاوضات كامب ديفيد 2000، فجر الانتفاضة الثانية شبه المسلحة، عبر فتح وتنظيمه وأجهزة الأمن معه التي أدت واجباتها في مواجهة الاحتلال، و بالتعاون مع حركة حماس بشكل خاص، فتم اغتياله ومعه العديد من قيادات حماس والجبهة الشعبية والجهاد الإسلامي.
لذلك لا تكفي بسالة المقاومين الفلسطينيين الشباب واندفاعهم الكفاحي، وتطلعاتهم المشروعة نحو تحرير فلسطين، لان هذه البسالة والجموح والتطلعات تحتاج لقياداتهم العاقلة المتزنة في اختيار التوقيت والأدوات المناسبة، لا أن يقعوا بالتسرع والتعجيل والغرور، لأن الثمن باهظ وثمنه خسارة هؤلاء البواسل أمام عدو شرس متطرف وقوي.