النسخة الكاملة

عن عبدالسلام المجالي الزاهد

الخميس-2023-01-10 12:05 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز- كتب-    بلال حسن التل
    شرفت بمعرفة المرحوم بإذن الله دولةالدكتور عبد السلام المجالي في الحل والتراحل ،فقد صحبته في سفر وكان خارج المسؤولية الرسمية، لكنني لمست ثقل الرجل ومكانته الدولية ، وبذلك يمكنني القول بإن رحيل عبدالسلام المجالي هو خسارة للأردن داخليا و خارجيا.
   برحيل دولة الدكتور عبدالسلام المجالي إلى الرفيق الأعلى ،نكون في الأردن قد خسرنا رجلا كان بقية طبقة من رجال الحكم ،الذين كانوا يرون أن الإخلاص لوطنهم و لقائدهم ليس مجرد كلمات عابرة ، وتصريحات رنانه ،طبقة لم يكن ولأئها مرتبط بشغلها للموقع الرسمي حتى  إذا غادرته تحولت إلى معارضة ليس للحكومة فقط، فقد كان  الإخلاص الحقيقي عند هذه الطبقة  هو  بأن تصدق القائد القول مهما كان قاسيا،وان تحسن اداءالعمل مهما كان شاقا ، وقبل ذلك بان تحمي القائد  بحمل الأعباء عنه لا أن تكون عبئا عليه ،وبإن تختبئ خلفه، كما كان الإخلاص عند هؤلاء الرجال ان تكون منجزا وان تنسب الإنجاز لقائد الوطن.
    
   بمثل هذه الطبقة من رجال الدولة لم يجتاز الأردن كل التحديات التي واجهته فقط ،بل أنجز في كل المجالات ،فكان نموذجا في الإدارة العامة ،وفي التعليم وفي الصحة،وامتلك بنية تحتية متطورة ومتميزة.
     لقدحقق الاردن ذلك كله رغم التحديات ورغم ضيق ذات اليد اقتصاديا. فقد كان غنيا بالرجال أولي الهمة ، وأصحاب الرؤى والأحلام الكبيرة ،والمشاريع العظيمة، أمثال عبد السلام المجالي لذلك أنجزوا كل هذه الإنجازات.
    وعند الإنجاز نتوقف لنقول أن هذه المكانة التي شغلها المرحوم بإذن الله عبدالسلام المجالي لم تكن  سرابا صنعته إله إعلامية منافقة،فقد عرفت الرجل عن قرب وعملت بمعيته فكان ازهد الناس بالاعلام،لكنه كان أكثرهم عشقا للانجاز،وهو الإنجاز الذي حجز له كل هذا الحيز في تاريخ وطنه وكل هذا الحب في قلوب مواطنيه، فقد أنجز الرجل في المجال الصحي بشقيه العسكري والمدني،ويكفيه فخراً دوره البارز والمميز بإنجاز مدينة الحسين الطبية درة القطاع الصحي الاردني،كماانجز في قطاع التعليم وزيرا للتربية والتعليم ،ورئيسا مميزا للجامعة الأردنية التي شهدت أيام قيادة المجالي لها القا لم يتكرر ،لذلك كان الدكتور عبدالسلام المجالي حزينا في السنوات الأخيرة على ماوصل اليه واقع هاتين المؤسستين من تراجع.ولا غرابة في ذلك، فالانجاز بالنسبة لصاحبة بمثابة الأبناء يفرح الأهل بنجاحهم و يحزنون لعثراتهم.
   ومثلما أنجز عبد السلام المجالي في القطاع العام من خلال المواقع القيادية التي شغلها ،فقد أنجز في القطاع الأهلي الكثير الكثير ،من ذلك مؤسسة إعمار الكرك،وجمعية الشؤون الدولية وغيرهما من المؤسسات العلمية والفكرية، فقد كان عليه رحمة الله يرى في الإنجاز عملا صالحا وعبادة يتقرب بها إلى الله.
    وعلى ذكر الصلاح والصالحين لابد من القول إن الدكتور عبدالسلام المجالي كان مربيا من طراز خاص ،يؤمن بالتربية من خلال القدوة الحسنة ،فلم يكن يتردد بجمع مايجده في طرقات الجامعة الأردنية من مخلفات ليضعها في المكب المخصص لها ،وكان هذا الفعل اشد على الطلبة من اقسى الكلمات، وكان اثره الطيب في نفوسهم اكبر من اي موعظة. ولم يكن يتردد في الدخول مع جنوده حتى إلى الحمامات ليعلمهم اصول النظافة، وفي مبنى رئاسة الوزراء كان لا يتردد في تفقد المكاتب لإطفاء الكهرباء المستخدمة بلا مبررا  وكان يرى في ذلك هدرا للمال العام ،فقد كان الرجل شديد الحرص على المال العام ،وهوحرص يترجم نظافة الكف وعفة النفس اللتان كان يتصف بهما.
    وعند النفس نقف لنقول أن دولة الدكتور عبدالسلام المجالي كان رضي النفس ، حنونا واذكر انني في عام 1996جادلته لأسابيع كي يتحدث عن الشهيد وصفي بندوة عقدناها في المركز الثقافي الملكي،وكان سبب تردده في الحديث عن وصفي خوفه من أن ينهار باكياً عندما يتحدث  عن الشهيد الذي أحبه ،وبعد جهد جهيد واستعانة ببعض من يحبهم توصلنا إلى إلى حل وسط ،هو أن يترأس جلسة من جلسات الندوة بالكاد استطاع أن يمنع خلالها دموعه ،وقد لمست صورة أخرى من صور حنانه عندما زرته قبل اسابيع مع مجموعة من أعضاء جماعة عمان لحوارات المستقبل،فجرى بيني وبينه حديثا هامسا عن وصفي وسعيد ونعيم وادريس وهم من أقاربي الذين عرفهم في مراحل مختلفة من الحياة كان يستذكرها بكتير من الحنو،ومثل عظيم حنوه كانت سعت  صدره وحلمه، وقدرته على الصبر والتسامح وقد عايشت ذلك بنفسي مراراً وتكرارا، عندما كنت مديرا عاما للمطبوعات والنشر، وكان وهو رئيسا للوزراء الذي يتدخل بلطف حتى لا أقول برجاء لوقف الكثير من الإجراءات القانونية بحق صحفيين، خاصة اولئك الذين كانوا يسيؤون له شخصيا .والصفح من شيم الكبار كفقيدنا الكبير عبدالسلام المجالي رحمه الله.الذي كان همه الأكبر خدمة شعبه،واذكر انني كنت اجلس معه ذات مساء في حديقة رئاسة الوزراء عندما قال لي أن عمره يومها كان خمسةوسبعين عاما وأنه حقق على الصعيد الشخصي أكثر مما كان يتوقع، فقد تولى أعلى المراكز ،كما أن أبناءه من الناجحين في مجالاتهم ،ولم يبقى لديه إلا أن يمكنه الله من تقديم المزيد من الخدمة للناس . الذين احبهم فبادلوه حبا بحب عليه رحمات الله.