جفرا نيوز - بقلم العين محمد داوودية - عبد السلام المجالي، أبرز جيل الآباء المؤسسين، الذين تركوا أثراً وشاهداً في كل جنبات هذا الحمى الأردني العربي.
لقد انطبقت على فقيد الوطن دولة الدكتور عبد السلام المجالي، حكمةُ أمير الشعراء العرب، الكردي أحمد شوقي:
فارفع لنفسك بعدَ موتكَ ذكرَها،
فالذِّكرُ للإنسان عُمرٌ ثاني.
فها هو ذِكره ممتد على طول بلادنا وأفقها وعرضها.
كتب الكاتب التقدمي الشجاع الشهيد ميشيل النمري (1948-1985) مقالة عام 1974 في جريدة الصباح اليومية الأردنية التي أصدرها نقيب الصحفيين الأردنيين عرفات حجازي، رفع فيها شعاراً يتعلق بحق ابنائنا في الدراسة الجامعية كان نصه: "من طالب لكل مقعد، إلى مقعد لكل طالب".
ولما استشهدت بذلك الشعار في مقالة لي عام 1985 في صحيفة صوت الشعب، اتصل بي أبو سامر على الصحيفة هاتفيا، وكان رئيساً للجامعة الأردنية، شارحاً استحالة تنفيذ محتوى الشعار لأسباب مالية.
حاورته وقلت له إنني لا اتفق مع رأيه. فقال كنت متوقعاً لا بل متأكداً يا طفيلي أنك ستصر على موقفك.
عبد السلام المجالي الطبيب أخصائي الأنف والأذن والحنجرة، كان يجيد الاستماع ويطيله، وفي كل حالاته لم يكن يصخب أو يغضب. وكل من عرفه يشهد أنه رحب، هني، رضي، رايق، واسع الصدر، مرن، متسامح وطويل البال.
حجبت الثقة عن حكومته الأولى (1993-1995)، التي منحه الثقة عقب خطابات ماراثونية 41 نائبا من 80 نائبا، هم عدد مجلس النواب حينذاك.
القيت في جلسة الثقة تلك خطاباً حاراً ثقيلاً. ولما اعلن دولة طاهر المصري رئيس مجلس النواب نتيجة التصويت، حصل هرج ومرج وهياج في شرفات المجلس، وتمادى بعض الحاضرين فيها فسبونا قائلين: كلاب، كلاب !!!.
احتجينا بغضب شديد على الشتائم الفظة، فانبرى دولة عبد السلام المجالي طالباً الكلام، ليقدم اعتذارات متكررة لمجلس النواب على تلك الإساءات، التي قال انه يدينها ويرفضها. فما كان منا إلا أن توجهنا إليه، لنقدم له التهنئة على ثقة مجلس النواب، والشكر على اعتذاره الرفيع، فقد كانت غضبته على من شتمونا، كريمة وشافية.
وقد منحت الثقة لحكومته الثانية (1997-1998).
كنت بمعيته في الفريق الأردني لمراقبة الانتخابات الرئاسية والنيابية للسلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة عام 1996، ضمن فريق الاتحاد الأوروبي، وكانت مهمتي مراقبة الإنتخابات في بيت لحم والخليل.
وكانت سهراتنا اليومية في "سويته" بفندق الانتركونتيننتال ( Seven Arches ) الرابض على جبل الطور في القدس العربية المحتلة.
ولطالما غلبنا في لعبة الهاند، فكنت أعلق على ذلك قائلا: أنت يا دولة الرئيس تلعب على أرضك وبين جمهورك.
زارني في الرباط عام 2000 وأكرمني بقبول دعوة عشاء على شرفه في منزلي حضرها عدد من السياسيين والصحفيين المغاربة والدبلوماسيين العرب، الذين ادهشتهم تحليلاته ومعلوماته وعلاقته المتصلة بسياسيي وأطباء واكاديميي بلدانهم.
يطول الحديث في مناقب فقيدنا دولة الزعيم عبد السلام المجالي وغالبا هو حديث لصالحه.