جفرا نيوز -
جفرا نيوز - حمادة فراعنة
لم يكن اقتحام إيتمار بن غفير وزير حكومة المستعمرة الإسرائيلية وتدنيسه حرمة المسجد الأقصى، المظهر الأول غير المسبوق، سواء من طرفه، أو من طرف غيره من قادة المستعمرة، نتاج انتخابات الكنيست 25 .
فمنذ أن وافق نتنياهو يوم 2/ 7/ 2018 بالسماح للنواب والوزراء باقتحام الحرم القدسي الشريف وتدنيسه، والعديد من هؤلاء قد فعلوا فعلتهم المشينة بحق الفلسطينيين والعرب والمسلمين، لأن المسجد الأقصى أولاً مسجد للمسلمين، وللمسلمين فقط، كما هي الكنيسة للمسيحيين، والكنيس لليهود والخلوة للدروز، ويُفترض اخلاقياً وقانونياً على كافة الأطراف أن تحترم قيم وحقوق وممتلكات الأطراف الأخرى.
ثانياً، كما إن المسجد الأقصى مقدس للمسلمين، وليس كأي مسجد آخر، فهو أولى القبلتين، ثاني المسجدين، ثالث الحرمين، ومسرى سيدنا محمد ومعراجه للسماء، ولذلك له قيمة دينية مقدسة للمسلمين لا يوازيها سوى المسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة.
ثالثاً، إن إقتحام المسجد والحرم القدسي الشريف يتعارض مع قرارات الشرعية الدولية والمؤسسات الاممية: مجلس الأمن، الجمعية العامة، اليونسكو، ولجان حقوق الإنسان، ولهذا لا يجوز الافتراء على المسجد وتحويله إلى استعمال متعدد الأغراض، وتوظيفه سياسياً لصالح مشروع المستعمرة وأطماعها التوسعية.
خطورة ما قام به بن غفير أنها الخطوة الأولى لتحقيق البرنامج الائتلافي الرباعي لحكومة نتنياهو التي تتفق على عنوانين هامين هما: 1- أن القدس الموحدة عاصمة للمستعمرة الإسرائيلية، 2- أن الضفة الفلسطينية ليست فلسطينية، ليست عربية، ليست محتلة بل هي يهودا والسامرة كجزء من خريطة المستعمرة، ويتم التعامل والإجراء التوسعي الاستيطاني معها بالعبرنة والأسرلة والتهويد.
خطوة بن غفير الأولى في سياق برنامج حكومة نتنياهو، وخطوته تمت بعد اجتماع رباعي مساء يوم الاثنين 2/ 1/ 2023 ضم نتنياهو وبن غفير ومدير المخابرات ومدير الشرطة، وعليه قام بفعلته الجرمية صباح يوم الثلاثاء، بشكل سريع مقصود، ودخل من باب المغاربة وخرج من باب السلسلة، اختصاراً للجغرافيا وللوقت بحدود 17 دقيقة، دون إعلان مسبق.
تدنيس بن غفير لساحة الحرم القدسي الشريف مثيلة لفعل شارون في شهر كانون الأول سنة 2000 التي أدت في حينه إلى انفجار الانتفاضة الثانية شبه المسلحة، آنذاك، وأدت إلى الانحسار الإسرائيلي عن قطاع غزة بعد فكفكة المستوطنات وإزالة قواعد جيش الاحتلال من كامل قطاع غزة.
تعيين مائة موظف على حساب دائرة أوقاف القدس بقرار من حكومة الدكتور بشر الخصاونة، كان الرد العملي بهدف تعزيز فريق الأوقاف المقدسية 972 موظفاً، وزيادتهم، لتأدية الواجب الوظيفي والوطني والديني، بزيادة حالة الحضور البشري وتكثيف وجودهم من موظفين متفرغين.
زيادة موظفين تابعين لدائرة أوقاف القدس بقرار أردني، وتوجه القيادة الفلسطينية نحو مجلس الأمن، وبيانات التنديد من قبل أطراف عربية أو إسلامية، غير كافية لمواجهة المخاطر التي تواجه المسجد الأقصى بغرض فرض التقاسم الزماني والمكاني كما فعل قادة المستعمرة للمسجد الإبراهيمي بالخليل، ولذلك لمواجهة خطوة بن غفير وبرنامج حكومة نتنياهو، تحتاج لمزيد من الخطوات الإجرائية من قبل الأردن أسوة بما تم فعله عام 2017، حينما أعلن الرئيس المهزوم ترامب اعترافه بالقدس الموحدة عاصمة للمستعمرة الإسرائيلية، من خطوات شكلت في حينه رأس حربة سياسية أردنية في دعم الموقف الفلسطيني ورفضاً للموقف الأميركي عبر الدعوة لعقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب، وعقد قمة إسلامية في اسطنبول، وبرلمانية في الرباط، وغيرها من الخطوات رداً على قرار ترامب المعلن يوم 6/ 12/ 2017.
فلسطينياً ورداً على خطوة حكومة نتنياهو، يتطلب عملا جوهريا غير عادي، لمواجهة سياسات المستعمرة وإجراءاتها التعسفية على أثر الانقلاب السياسي الثاني لحكومة المستعمرة الذي بدأ مع خطوة بن غفير.