جفرا نيوز -
جفرا نيو ز :عوني الداوود
ربما يكون من السابق لأوانه الخوض في الدروس المستفادة من أزمة الشاحنات، لأن المطلوب أولا السرعة في حل المشكلة، كما أن الموضوع متشعب ويحتاج لمجلدات، أولها أن الأزمة أكدت حالة المتاهة التي يعاني منها قطاع النقل منذ سنوات طويلة ولم يحظ هذا القطاع رغم أهميته الكبرى وانعكاساته على كافة القطاعات الاقتصادية وصولا الى المواطن ولقمة عيشه اليومية بالقدر الذي يستحقه.
قطاع النقل، لم يحظ حتى بثبات المسؤولين فكانت وزارة النقل ولا زالت من أقل الوزارات استقرارا وأقلها في ثبات تعيين الوزير، وانتقل الأمر كذلك الى»هيئة النقل»..هذا قطاع من أهم القطاعات المتشابكة مع جميع القطاعات الاقتصادية الاخرى بدءا من : التجاري والصناعي والسياحي مرورا بالزراعي وليس انتهاء بالغذاء الضروري لحياة المواطنين.
كان المواطنون يستمعون عبر وسائل الاعلام المحلية والعالمية منذ سنتين وتحديدا مع ظهور جائحة كورونا لتعبير (تقطّع سلاسل التوريد) وها هو المشهد يتمثل محليا من خلال ما أحدثته أزمة الشاحنات من تقطع في سلاسل التوريد بدءا بالشاحنات من العقبة الى محافظات الجنوب ليمتد حتى الباصات والتكسيات لتصبح مشكلة « قطاع « على مستوى المملكة، قبل أن يبدأ العمل على «حلحلتها».
لن أتحدث اليوم عن كلفة التأخّر في ايجاد الحلول التي تدحرجت حتى زادت على ما كان يمكن أن تمثله الكلفة في اليوم الاول..لأن «الحسبة اليوم» باتت تشمل كلف التعطّل في موانئ العقبة سواء ميناء الحاويات او موانئ الحبوب والمواد الغذائية والماشية وميناء النفط والغاز، وحاجة كل ذلك لمزيد من ساحات التخزين للوارد والصادر والفارغ والمبرّد.. كلف بالملايين، يضاف لها الخسائر التي تكبدها التجار والتي ان وجدت حلولا باعفاءات من قبل سلطة العقبة على التأخير والجمارك، لكن المواد الغذائية والمبرّدة من الصعب تعويض تلفها..أضف الى ذلك خسائر القطاع الصناعي والزراعي والسياحي..الخ.
«أزمة الشاحنات» أظهرت تفكك قطاع النقل وتوهان البوصلة بين الوزارة والهيئة والنقابات المتعددة من نقابة اصحاب الباصات الى نقابة اصحاب الشاحنات ونقابة شركات التخليص (ونحن هنا نتحدث في النقل البري وهمومه بعيدا عن النقل الجوي والبحري).. ليكون السائقون هم الحلقة الأضعف في المعادلة سواء سائقو الشاحنات او الباصات او التكسيات والعمومي بشكل عام، ممن لم يعودوا قادرين على تحمل كلف التشغيل من ارتفاع في تشغيل مصدر رزقهم المباشر وهي ( الشاحنة او الباص او التكسي أو السيارة العمومي) التي تضاعفت كلف تشغيلها وصيانتها بدءا بارتفاع كلف المحروقات -لارتفاعها عالميا- مرورا بكلف الزيوت وانتهاء بالاطارات التي تقصّر عمرها الطرق المهترئة التي تؤثر على الشاحنات ذهابا وايابا لميناء العقبة وتحديدا طريق الشيدية المستخدمة بالأخص في نقل الفوسفات.
ازمة الشاحنات فتحت ملف النقل على مصراعيه وفي كثير من الاتجاهات، فهي مشكلة يمكن تطويقها وحصرها بمشكلة سائقين لم يعودوا قادرين على تحمل ارتفاع كلف تشغيل شاحناتهم بنقل البضائع خصوصا مع ارتفاع المحروقات عالميا وانعكاس ذلك محليا وبالتالي الحل -كما يطالبون- بتخفيض أسعار المحروقات دون رفع الكلف على المواطنين..هذا هو أصل الحكاية وملخّصها ( بطّلت توفّي مع سائقي الشاحنات).. لكن بالتأكيد هناك من استغل الظرف عبر «السوشيال ميديا»، ليفرّع المشكلة وينقلها للعالم كما يريد من تشويه وتأزيم «يؤكد لنا المؤكّد» بأن الاردن مستهدف وعلينا أن نتنبّه الى ذلك دائما.
تفويت الفرصة على الانتهازيين والمتربصين والمستهدفين لأمن وأمان الأردن يكون بسرعة الحلّ واظهار الحقائق أولا بأول (سرعة الحل وسرعة المعلومة)..وفي ملف شائك كالنقل يكون الحل على عدة مراحل: الاولى (حل سريع بدعم مباشر للشاحنات ووسائط النقل العام - كما تم الاعلان عنه) وحلول على المدى المتوسط تعالج مشكلة العمر التشغيلي للشاحنات ووسائط النقل العام، ومواجهة ما أدت اليه الازمة من خسائر طالت مختلف القطاعات وتعويضها بصورة أو بأخرى، وحلول على المدى الطويل تؤدي لاحلال الغاز ووسائط النقل الكهربائية والذكية وغيرها من الخطط.
«رؤية التحديث الاقتصادي» عالجت كثيرا من تحديات النقل في المملكة ووضعت مبادرات للسنوات العشر المقبلة ليكون القطاع فاعلا ورافعا لمعدلات النمو وخلق فرص العمل، ونتمنى أن يترجم كل ذلك في البرنامج التنفيذي المنتظر «للرؤية».
آن لملف النقل أن يفتح على مصراعيه «بورشة عمل وطنية» تشارك فيها الحكومة والنواب والاعيان وكافة الجهات المعنية في النقل والقطاعات الاقتصادية لأن تأثير هذا القطاع المباشر على الاقتصاد الوطني كبير، وغير المباشر أكبر