جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب - أ.د. أمين مشاقبة
ما الذي يجري في الشارع الأردني؟، إضرابات احتجاجات وقفات، شكلٌ من أشكال الإحباط السياسي؟. ونسأل عن الأسباب التي وصل إليها المواطن والحال الذي يعيشه!.
للإجابة عن هذه التساؤلات، لا بد من نظرة شمولية للحال الأردني، فالواقع الجيوسياسي للدولة كان له الأثر الأكبر. الحدود السورية مغلقة، والتجارة والحركة موقوفة، والحدود الشرقية العراقية لا تبعث على الاتجاه شرقاً؛ لعدم الاستقرار السياسي هناك، وهيمنة إيران وغيرها. الحدود مع فلسطين تمر بنفس الظروف.
إن مخرجات الأزمات الإقليمية أثّرت تأثيراً مباشراً على الواقع الاقتصادي الأردني منذ بدايات الربيع العربي، وتفاقمت الأزمات بعد الوباء (الكورونا)، وبعدها مباشرةً الأزمة الأوكرانية وآثارها على الاقتصاد العالمي، وارتفاع أسعار الطاقة وانعكاسها على الحالة الأردنية، والنتيجة زيادة أعداد السكان بصورة مضطردة، إذ وصل عدد سكان الأردن ما يقارب 11.3 مليون ساكن منهم 31% لا يحملون رقماً وطنياً، نازحون، لاجئون، وافدون، وهكذا، فإن هذه الزيادة السكانية غير الطبيعية مع قلة الموارد أثرت على معيشة المواطن الأردني، فأصبح المواطن الأردني هو من يتحمل المسؤولية والإنفاق على ثلث السكان من لاجئين ونازحين ووافدين!، أي مشاركة هؤلاء في الماء، والكهرباء، والتعليم، والصحة، والبنى التحتية كاملة. ونقول بصدق أن اللجوء السوري في الأردن هو لجوء اقتصادي وليس سياسيا، فالمنظمات الدولية مختلفة المشارب تقدم المساعدات والإغاثات المادية وغيرها لكل من هو لاجئ أو نازح على الأرض الأردنية، وأصبح حال اللاجئ والنازح أفضل من حال المواطن العادي!، وخصوصاً ذوي الدخل المحدود في الأرياف والبوادي والمدن النائية.
هذا ويعمل العديد من السوريين في البلاد في مجال المواد الغذائية، والمطاعم، والمهن الإنشائية، وهذا بعكس واقع المواطن الأردني الذي يعتمد على راتب شهري حكومي أو خاص، آخذين بعين الاعتبار أنه منذ عام 2011 لم تتم زيادة رواتب الموظفين أي شيء سوا الزيادة السنوية، ومع الغلاء والتضخم، وزيادة الإيجارات، وتغيير نمط الحياة، كل هذا أدى إلى تراجع معيشة المواطن، فارتفاع شريحة الكهرباء والماء وازدياد المتطلبات الحياتية، جعل من شرائح الفقر في ازدياد إلى مستوى ¼ المواطنين الأردنيين، وحتى في بعض المناطق إلى 1/3 المواطنين تحت أو على خط الفقر، ويضاف لها الوجه الآخر، البطالة وانتشارها بما لا يقل عن 50% لدى الفئات الشابة من 18-24 سنة، وفي قطاع المرأة أكثر من ذلك بكثير، والإجمالي العام هو 24.9% من القوى العاملة، هذه المعادلة: تدنّي الرواتب والفقر والبطالة قادت إلى حالة من الإحباط السياسي الذي يقود لما نراه في الشارع، وإلى رفع سعر المحروقات، وخصوصاً الديزل والكاز.
يضاف إلى ذلك كله، حالة من فقدان الثقة، وعدم قدرة تلك المؤسسات على مواجهة التحديات والصعاب التي تواجه المواطن، فقد الأمل والفرح معاً، وحتى المستقبل أصبح غامضاً، ومن هنا تأتي الدراسات بالقول أن 48% من الشباب الأردني يرغب بالهجرة، علماً بأن الجميع يعشق الأردن الوطن الدولة والموئل. هذا جزء من المعادلة التي يعيشها المواطن، وهناك أجزاء، أخرى ونتساءل ما الحل؟
أولاً- إعادة الثقة لنفس المواطن، وإعادة الكرامة له والاحترام والتقدير من المؤسسات والقائمين عليها كافة.
ثانياً- على كل مسؤول في الدولة أن يقدم المصلحة الوطنية العليا على كل المصالح والمنافع الخاصة والضيقة.
رابعاً- مواجهة التحديات وإيجاد حلول يلمسها المواطن نسبياً، وبعث الشعور أن الدولة بمؤسساتها تقف إلى جانب المواطن في حل التحديات والصعاب التي يواجهها.
خامساً- العمل على إيجاد استراتيجية وطنية قصيرة المدى لمعالجة الفقر والبطالة بما ينعكس تدريجياً على تخفيف حدّة هذه الأزمة.
سادساً- إيجاد قنوات التواصل وتوسيعها بين الحاكم والمحكوم، ونزول المسؤول إلى الميدان عملياً، وخلق آليات جديدة من التواصل مع المواطنين بدل الهاتف الذي يرد مغلقاً ولا يمكن الاتصال به.
سابعاً- وقف سياسات الإقصاء والتهميش ضد الكفاءات الوطنية، ووقف الشللية والمحسوبية والمناطقية.
ثامناً- إعطاء المواطن الأردني ميزة عن غيره من السكان ولا ينظر للمواطن كرقم كما هو أي رقم آخر.
تاسعاً- العمل على سياسات فتح الحدود مع دول الجوار للحركة والتجارة.
عاشراً- السعي الجاد لضبط الزيادة السكانية، ووقف حالة التغيير الديمغرافي.
حادي عشر: العمل الفعلي على التخلص من اللجوء والنزوح السوري في البلاد، وتقليص الأعداد، ووقف رخص العمل والتشغيل، والتخلص من المخيمات التي أصبحت بؤراً للأمراض الاجتماعية.
ثاني عشر- توسيع قاعدة التعليم المهني والتقني من الصف التاسع الأساسي، والعمل على توجيه الطلبة نحو هذا التعليم.
ثالث عشر- إيجاد نظام حزبي متكامل، وإعادة النظر بالضرائب على المحروقات وتخفيض أسعارها، ووقف التسعير الشهري وتحويله إلى فصلي أو نصفي.
رابع عشر- إعادة النظر بسلم الرواتب بما يتناسب مع ارتفاع مستوى المعيشة، وربط الرواتب بالتضخم.
خامس عشر- هناك مقترحات أخرى لا يتسع المقام بالحديث عنها هنا.