الدباس يكتب: فشل الجلمود السياسي

الدكتور محمود عواد الدباس.

في المنخفضات الجوية يبرز الراصد الجوي، وفي المنخفضات السياسية يبرز المحلل السياسي. في هذين النوعين من المنخفضات تختلف المسميات كما تختلف المصطلحات، ثم تختلف التوقعات. نبدأ من المنخفض الجوي أو الهوائي الأخير، حيث تم تسميته "جلمود" في إشارة إلى عمق هذا الاسم في الذاكرة الشعبية الأردنية. في التعامل مع هذا المنخفض، ظهرت الاختلافات بين الراصدين الجويين. كان جوهر الاختلاف هل سيكون هناك ثلوج وعلى أي مرتفعات سيكون. هذه التباينات في التوقعات أحدثت إرباكاً كبيراً مس حياة المواطنين. البعض ذهب كاستجابة استباقية نحو زيادة شراء حاجات ضرورية تكفيه خلال مدة المنخفض. البعض الآخر قرر تأجيل أعمال كان سيقوم بها إلى حين انتهاء المنخفض. في النتيجة، لم يستفد الذي قام بشراء مستلزمات إضافية كما لم يستفد أيضاً من آخر القيام بعدة أعمال كان سيقوم بها وقت الثلجة. والسبب أنه لم يكن هناك ثلجة، لكن بكل تأكيد كانت الأجواء باردة جداً، وهي في الليل ذات برودة أكبر منها في ساعات الظهيرة. كردة فعل على تلك النتيجة، ظهرت دعوات تطلب من الحكومة تنظيم التعامل مع توقعات الطقس اعتماداً على المؤهلات العلمية والخبرات لمن يرغب أن يعمل في مجال الرصد الجوي.

في هذه المقالة، التي تأتي كمحاولة استعارية من خلال إسقاط  واقع الجلمود الجوي على الجلمود السياسي الذي بدأ مع عودة الرئيس ترامب، في ظل  توقعات متباينة  بين المحللين السياسيين حول وجود ثلوج سياسية تستقر هناك وهنا، مع اتفاقيات بينهم حول وجود برودة عالية قادمة من واشنطن، وهي في الأشهر القادمة أقوى من الحالية. بكل تأكيد، أن هذه التوقعات التي يتحدث بها المحللون السياسيون حول الجلمود السياسي القادم من واشنطن قد أحدثت إرباكاً شعبياً مع زيادة في التوتر مع الاستعداد لمواجهته اقتصادياً وسياسياً و شعبياً قبل اقترابه أكثر وأكثر.

ختاماً، لعل الأخطاء الناتجة عن رفع درجة التوقع في قوة المنخفضات الجوية هي أفضل من الأخطاء الناتجة عن خفض درجة قوة المنخفضات الجوية. والحال كذلك، فإن الأخطاء الناتجة عن رفع درجة التوقع في قوة المنخفضات السياسية هي أفضل من الأخطاء الناتجة عن خفض درجة التوقع في قوة المنخفضات السياسية. فحينما نتوقع الأصعب ولا يحدث، أفضل من توقع الأسهل ويحدث العكس. ولا يكون معنا وقت لتدارك ذلك؟