جفرا نيوز -
بقلم أ. د. ليث كمال نصراوين
انشغل الرأي العام قبل أيام بالفيديو القصير الذي ظهر فيه اعتداء من قبل إحدى العاملات في مركز تربية خاصة على أحد الأشخاص ذوي الإعاقة الموجود فيه، حيث تقرر إغلاق المركز وإحالة المتورطين إلى القضاء. وقد أثارت هذه الواقعة الجرمية العديد من التساؤلات حول نطاق الحماية القانونية التي يتمتع بها الأشخاص ذوي الإعاقة في التشريعات الوطنية، والإطار القانوني الناظم للمراكز الخاصة بإيوائهم وتعليمهم.
إن هذه الفئة المقدرة من أبناء المجتمع الأردني كانت ضمن اهتمامات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية في عام 2021، والتي أوصت بمجموعة من التعديلات الدستورية لتمكين المرأة والشباب. فأثناء إضافة نصوص مستحدثة على المادة (6) من الدستور، تم الانتباه إلى عدم كفاية الحماية الدستورية المقررة للأشخاص ذوي الأعاقة، وبأنها تقتصر فقط على منع وقوع أي إساءة أو استغلال لهم، ولم يكن هناك أي نص صريح يدعو إلى كفالة وحقوقهم وحرياتهم الأساسية.
فجرى اقتراح نص دستوري جديد يتعلق بحماية الأشخاص ذوي الإعاقة والذي تم إقراره فيما بعد، حيث أصبحت الفقرة (5) من المادة (6) من الدستور تنص على أنه «يحمي القانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ويعزز مشاركتهم وإندماجهم في مناحي الحياة المختلفة، كما يحمي الأمومة والطفولة والشيخوخة ويرعى النشء ويمنع الإساءة والاستغلال».
وقد كان من الطبيعي أن تنعكس هذه الحماية الدستورية للأشخاص ذوي الإعاقة على التشريعات الوطنية ذات الصلة، فصدر مؤخرا قانون التنمية الاجتماعية رقم (4) لسنة 2024 الذي أكد على مسؤولية الوزارة في منح التراخيص اللازمة لإنشاء المؤسسات التي تقدم خدمات الحماية والرعاية لفئات كبيرة من الأردنيين ومن ضمنهم الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث حدد القانون نطاق الأعمال التي تقوم بها هذه المراكز لتشمل تقديم الخدمات الاجتماعية والتعليمية والمعيشية والنفسية والصحية والإرشادية والثقافية، وبناء قاعدة معلومات خاصة بالمنتفعين منها.
أما صلاحيات وزارة التنمية الاجتماعية على هذه المراكز فتشمل الموافقة على البرامج الاجتماعية والنفسية والدينية والإرشادية والتأهيلية التي تقدمها بالإضافة إلى التفتيش عليها بقرار يصدر عن الوزير المختص. وقد تضمن القانون عقوبات جزائية بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر والغرامة لكل من قام بتقديم خدمات الحماية والرعاية الاجتماعية لفئة الأشخاص ذوي الإعاقة دون الحصول على ترخيص من الوزارة.
كما صدر نظام خاص يسمى نظام مراكز الأشخاص ذوي الإعاقة رقم (40) لسنة 2014 يتضمن الشروط الواجب توافرها في مقدم طلب ترخيص المركز من الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين، والأحكام المتعلقة بلجنة الترخيص المشكلة وطبيعة المهام المسندة إليها، والتي تتمثل بالكشف الميداني عن المركز المراد ترخيصه والتحقق من استكماله لكافة الشروط والمعايير الواردة في التعليمات الصادرة لهذه الغاية، على أن يصدر الترخيص لمدة سنة واحدة فقط قابلة للتجديد سنويا.
وفيما يتعلق بصلاحيات وزير التنمية الاجتماعية على مراكز الإيواء والحماية، فإنها تمتد لتشمل توجيه عقوبة الإنذار الخطي والإغلاق المؤقت وإلغاء الترخيص، على أن يثبت للوزير المعني الحق في إغلاق المركز دون الحاجة إلى توجيه إنذار، وذلك في حال ارتكاب مخالفات جسيمة تتعلق بأمن المنتفعين من المركز وسلامتهم، وعند ارتكاب أعمال عنف أو إيذاء بحق المنتفعين.
وإلى جانب وزارة التنمية الاجتماعية، فقد أعطى القانون الأردني دورا لوزارة التربية والتعليم في متابعة شؤون الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث تنص المادة (20) من قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لعام 2017 على أن تتولى وزارة التربية والتعليم، وبالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، ترخيص المؤسسات التعليمية للأشخاص ذوي الإعاقة والإشراف عليها، وبأنه يتعين على المؤسسات التعليمية المرخصة لدى أي جهة أخرى قبل نفاذ أحكام القانون تصويب أوضاعها خلال سنتين من تاريخ نفاذه.
إن المسؤولية الحكومية عن حماية الأشخاص ذوي الإعاقة تتوزع بين وزارة التربية والتعليم فيما يخص إنشاء المؤسسات التعليمية الخاصة بهم ضمن ولايتها العامة على المدارس الوطنية، ووزارة التنمية الاجتماعية فيما يخص إنشاء دور إيواء وحماية للأشخاص ذوي الإعاقة.
أستاذ القانون الدستوري – عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة