جفرا نيوز -
نيفين عبدالهادي
بات يراها البعض أنها حدث تكتبه أقلام التاريخ على أنها حرب الأمس، أصبح لهم جديد، وفي ذلك جريمة أخرى تسجلها البشرية بحق أهلنا في غزة، فحرب غزة لم تنته رغم كل ما تشهده المرحلة من أحداث وتغييرات، فهي حرب إبادة ما تزال مستمرة لم تنته، ولم تتوقف، بل لم يلتقط أطفال غزة وسكانها أنفاس الراحة للحظة، ما يزالون جميعا مشاريع شهداء.
لم تعد غزة أولوية، وأصبحت تُسرد في نشرات الأخبار لتكون الخبر الرابع وربما أكثر، وبات الوقت يضيق على تفاصيلها، فلم تعد تلقى الاهتمام المطلوب، كما لم تعد تحظى بمتابعة إنسانية بما ينسجم مع حجم الجرائم التي تقوم بها إسرائيل على مدار الساعة والدقيقة وحتى الثانية، للأسف أنين غزة ووجعها لم يعد أولوية سوى في الأردن، الذي لا يزال يسعى لوقف إطلاق النار وايصال المساعدات الإنسانية والإغاثية بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، جهود لا يزال نبضها قويا حقيقة لم يبق سوى الأردن يضع غزة أولوية ويضعها على المحافل الدولية، بقوة وعدالة.
الأردن الكتف الأيمن الذي تستند عليه غزة، هو الاكتفاء الذي يبحثون عنه في واقع للأسف حدث أن اعتاد على نبأ عدد الشهداء والاصابات، فأصبحوا عند البعض أرقاما، يتناسى العالم حربا على أهلنا في غزة ما تزال تبيد شعبا، وتستخدم أخطر أنواع الأسلحة والصواريخ لقتلهم، بل لإبادتهم، فيما يبقى الأردن داعما لهم وسندا إنسانيا وإغاثيا ودبلوماسيا لهم، حتى اللحظة لم تغب غزة والاعتداءات على الضفة الغربية والقدس وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية أولوية أردنية بمتابعة شخصية من جلالة الملك عبد الله الثاني، لم يغمض عين اهتمامه عن هذه القضية وهذه البقعة من العالم الذي يصرّ على تهميشها أو تقديم قضايا أخرى عليها.
ما يتجاهله البعض خلال هذه الفترة الصعبة، الحرب على غزة، وكأنها انتهت، أو أنها لم تعد أولوية، دون أن يدركوا أن الحرب على أهلنا في غزة لا تزال تهدد لحظاتهم وليس فقط أيامهم، تقتل وتبيد وتدمّر، تمنع الماء والطعام عنهم، حرب يزداد عدد الأسرى بها للآلاف الذين يتعرضون لأبشع ما عرفته البشرية من التعذيب، والإجرام، حرب تترك أجيالا من الشباب والأطفال ممن بُترت أطرافهم أو أصيبوا بإعاقات مختلفة، حرب مدمّرة ما تزال هي الأبشع بين الحروب التي شهدتها البشرية، وللأسف أن العيون تُغمض عنها وعما يعانيه الغزيون، وباتت هذه الحرب جزءا عاديا من نشرات الأخبار «إن نالت خبرا» ومجرد مادة تحليلية في بعض القنوات الفضائية، دون الأخذ بها على محمل المسؤولية والسعي لوقفها ومدّ يد العون الإغاثي.
في غزة ما تزال الحرب، في غزة ما تزال المجاعات، ونقص المياه، والأودية، والخدمات الصحية والطبية، ما تزال قذائف إسرائيل تدمر مدارس وملاجئ الإيواء، ذلك أن لا بيوت بهذه المدينة التي وصفتها مسؤولة الطوارئ في وكالة الأونروا لويز ووتريدج، بأن السكان «لا يمكنهم الفرار، ويبدو الأمر وكأن كل طريق يمكن أن تسلكه يؤدي إلى الموت»، ففي غزة كل الطرق تؤدي للموت، في غزة ما تزال الحرب على أطفالها ونسائها وشيوخها، في غزة موت يتبعه موت يتبعه موت، لا درب للحياة بها، وللأسف رغم كل هذا باتت قضايا تتقدّمها، ومتابعتها تغيب عن أولويات العالم، إن لم تكن صفحتها طويت في غياهب النسيان والماضي، والذكريات.