النسخة الكاملة

حق السجين بالتصويت

الإثنين-2024-04-29 02:22 pm
جفرا نيوز -
د.نواف بني عطية - تكاد تخلو جميع التشريعات العربية من تنظيم حق السجين في التصويت ، إلا في التشريع المغربي والكويتي قد طرحت هذا الموضوع للدراسة فقط دون تطبيق عملي ، ولم يتعرض التشريع الاردني والقوانين الناظمة لهذا الحق .

وعليه ، فالسجين هو أردني قيدت حريته لفعل أو جرم ارتكبه خالف فيه القانون ، أو انه تم إيقافه إداريًا . بالرجوع إلى قانون الإنتخاب لمجلس النواب رقم (4) لسنة 2022 عرفت المادة الثانية منه ، الناخب : " كل أردني له الحق في انتخاب أعضاء مجلس النواب وفق أحكام هذا القانون " ، كما ان المـــــــادة (3) تنص على : أ- لكل أردني بلغ ثماني عشرة سنة شمسية من عمره قبل تسعين يومًا من التاريخ المحدد لإجراء الاقتراع الحق في انتخاب أعضاء مجلس النواب وفق أحكام هذا القانون ، والمادة (3 / أ ، ب ، ج ، د) تنظيم الأشخاص من لهم الحق بالإنتخاب ومن هم المحرومين ومن لهم هذا الحق ، ولم يرد نصًا عن السجين في جميع نصوص هذا القانون ، والمطلق يجري على إطلاقه مالم يرد نص يقيده .

وهنا ، لا بد أن يصدر في حق الشخص حكمًا نهائيًا وباتًا بعقوبة في جناية أو جنحة مخلة بالشرف والأمانة لمنعه من ممارسة حق التصويت ، وبالتالي فإن المحبوسين إحتياطيًا أو المتهمين في قضايا جنائية سواءً كانت جنايات أو جنحًا مخلة بالشرف والأمانة ولم تصدر ضدهم احكام نهائية يجوز لهم مباشرة حق التصويت .

أما في الجهة المقابلة من التشريعات الأجنبية واحكام القضاء والإعلان العالمي لحقوق الإنسان نجد إنها منحت لهذا الحق مساحة كبيرة من العناية والإهتمام نورد بعضًا منها ، جاء في قضية (هيرست Hirst ) ضد المملكة المتحدة في العام 2005 وجدت المحكمة الأوروبية أن حظر التصويت المفروض على السجناء في المملكة المتحدة كان إنتهاكًا للمادة الثالثة من البروتوكول الأول من الإتفاقية الأوروبية، والذي ينص على ما يلي: ( .... يحق للأطراف السامية المتعاقدة إجراء انتخابات حرة على فترات معقولة عن طريق الإقتراع السري في ظل ظروف تضمن التعبير الحر للشعب في اختيار السلطة التشريعية" ، وجاء ذلك بعد أن أصدرت محكمة أوروبية قرارًا لصالح أحد السجناء البريطانيين اعتبرت فيه أن منعه من الإدلاء بصوته في الانتخابات يعد إنتهاكًا لحقه في التمتع بانتخابات حرة ، وفي عام 2002، قضت محكمة كندا العليا بأنّ حرمان السجناء الذين يمضون عقوبة طويلة بالسجن من التصويت يشكّل انتهاكًا لحقوقهم التي تنصّ عليها شرعة الحقوق والحريّات الكنديّة.

أما دوليًا ، فقد نصت المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 على أن:

" لكل شخص حق المشاركة في إدارة الشئون العامة لبلده، إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون في حرية" . كما نص المبدأ الـخامس من مجموعة المبادئ الأساسية لمعاملة السجناء على أنه " باستثناء القيود التي من الواضح أن عملية السجن تقتضيها، يحتفظ كل السجناء بحقوق الإنسان والحريات الأساسية المبينة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان...." .
وفي هذا السياق، جاء في التعليق العام رقم 21 بشأن المادة الـعاشرة من العهد، المتعلقة بالمعاملة الإنسانية للأشخاص المحرومين من حريتهم، أنه لا يجوز تعريض المعتقلين والسجناء لأي قيد "غير ما هو ناجم عن الحرمان من الحرية"، فهم يتمتعون بجميع الحقوق المبينة في العهد "رهنا بالقيود التي لا مفر من تطبيقها في بيئة مغلقة" .

غير أن التعليق العام رقم 25 الصادر سنة 1996، تضمن ما يناقض التوجه المعبر عنه في التعليق العام رقم 21 الصادر سنة 1992، والذي أكد على إمكانية التنصيص على قيود للحق في تصويت المحرومين من حريتهم، على أساس "أن تكون أسباب هذا الحرمان معقولة وموضوعية...... وينبغي ألا يحرم من ممارسة حق الانتخاب الأشخاص الذين احتجزت حريتهم ولكن لم تتم إدانتهم بعد".

أما في فرنسا، يحق للسجناء المشاركة في التصويت في الانتخابات، وفق شروط يحددها قانون الانتخابات وقانون المسطرة الجنائية، حيث يمكن للسجين الذي لم يتضمن منطوق حكم إدانته الحرمان من الحقوق الوطنية ، أن يتمتع بالحق في التصويت، بغض النظر عن مدة العقوبة أو خطورة الجريمة، والذي يتم بطريقتين: التصويت بالوكالة، والحصول على إذن الخروج للتصويت
وعليه ، فإن حرمان المسجون من ممارسة حقه بالادلاء بصوته على الرغم من عدم وجود نص قانوني يمنعه من ذلك تعد مخالفة دستورية وقانونية تستوجب وقوف المشرع عندها ومعالجتها بنص تشريعي يزيل هذه الإشكالية القانونية .