جفرا نيوز -
منذ أكثر من مئة عام والدولة الأردنية تشتبك مع الأحداث في العالم العربي والإسلامي بالصفة الأخوية وبمنظور وحدوي يجمع ولا يفرق، ودائما يتخذ راسم السياسة الاردنية مصلحة الاشقاء في أي ركن عربي يشهد أحداثا عنوان للمواقف الرسمية وامتد هذا السلوك السياسي ليصبح المعيار الشعبي ايضا في التعامل مع الأحداث خلافا لبعض الدول الاخرى التي تقدم مصالحها المحلية ومكاسبها في صياغة مواقفها واتجاهاتها، وهو العامل الذي ربما جلب للأردن الدولة بعضا من العداء والبغضاء والذي نجحت السياسة الاردنية في تحييد أثره أكثر من مرة.
في العدوان الأخير الواقع على قطاع غزة يمكن لأي مراقب أن يشتم رائحة البغضاء الناشئة بناءا على السلوك السياسي الأردني وهو ما دفع بالبعض للتآمر أحيانا أو التشويش على المواقف الاردنية بشكل عام.
انفرد الاردن بطريقة التعامل مع وجهات النظر المحلية والشعبية وهيأ مساحة واسعة للتعبير عن العواطف والتي في بعض المرات انفجرت فيه هذه العواطف لتطال الاردن وساسته ونظامه، ونعلم جميعا بأنها لو حدثت في بلد اخر لكانت عواقبها معروفة لدى الجميع، ولخصوصية القضية الفلسطينية في ابجديات السياسة الاردنية وفي تركيبة الشعب تعاملت الدولة وفق سياسة النفس الطويل والاحتواء الناعم والتغاضي عن الاساءة اخذين بعين الاعتبار الدوافع وفورة الدم والحالة العاطفية المحركة لجموع المواطنين المتظاهرين والمعبرين عن انفسهم جراء المشاهد القاسية والمؤلمة وجرائم العدو بحق أهلنا، وهنا لابد من الوقوف قليلًا وتوجيه رسالة مفادها بأنك يا شريك الوطن تعلم غايتك وهدفك من المشاركة ولكنك حتما لا تعلم خفايا وغاية الواقف الى جانبك والذي ربما يستدرج الهتاف الى اتجاهات لا تصب في مصلحة الاهل في قطاع غزة بداية ولا تصب في المصلحة الوطنية او حتى الفردية، وعلينا جميعا أن نعلم بأن الاردن مستهدف فعلًا لا قولًا وأن المتربصين به من أعداء الخارج كثر وما نشاهده او نسمعه من تشكيك في المواقف الأردنية ما هو الا فعل مقصود لذاته وأن نقل المعركة الى الساحة الاردنية ما هو الا خدمة للعدو الغاشم وتشتيت لجهود الاخيار، وعليه وحتى لا نكون ثغرا يؤتى الوطن من خلاله يجب علينا ان لا نتعامل بسذاجة وبراءة ليس هذا محلها ولا مكانها ولا أن نثق بالنوايا فقط لان المكان والزمان جمعنا في فعالية او تظاهر، فغايتك الشريفة والطاهرة ربما يجاورها غاية عاهرة وملوثة.
إن الأردن القوي هو ذخر لأمته ولقضيته الأولى والجوهرية القضية الفلسطينية وأي محاولة نخر في الأساس الاردني إنما يقوض صلابة موقف الاشقاء ويخدم الأعداء قطعا وبلا شك، وعلينا التفكير بعقلانية ثلاثية الأبعاد وفقا للمعطيات الحقيقية على أرض الواقع بعيدا عن الأماني وفورة العواطف وبعيدا عن الاستغلال الخارجي والتحريض الماكر.
نحن نواجه عدوا لئيما لا يرقب فينا إلا ولا ذمة يسفك دماء اشقائنا بلا ضمير ولا انسانية يقتلهم ويجوعهم ويهجرهم عن أرضهم وأي محاولة لثني عنق المجتمع عن النظر لجرائم العدو هي مساعدة له لا مجال للشك فيها، وتشتيت المواقف والخلافات الجانبية بين الاخوة اضعاف لجبهة الحق وخرق للوحدة وشق للصف.
قدم الاردن -ولا زال- ما لم تقدمه أي دولة أخرى للأشقاء في فلسطين وجاد بأكثر مما هو موجود ومواقفه مشهودة ومعلنة ومسجلة وهذا نهج هاشمي شريف اعتاد الهاشميون على تقديمه وواجبه علينا الثناء والشكر، فشكرا للقيادة الهاشمية ولجلالة الملك المفدى عبدالله الثاني ابن الحسين ولولي عهده الامين صاحب السمو الملكي الامير الحسين بن عبدالله حفظهما الله ورعاهما..
ونسأل الله أن تنتهي محنة الشعب الفلسطيني وأن تتحرر البلاد والعباد من نير الاحتلال الغاشم وأن يتقبل شهدائنا في قطاع غزة بالقبول الحسن وأن يشفي جرحاهم وأن يؤمن روعتهم ويسد جوعتهم وأن ييسر لهم ولنا أسباب ذلك.