جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم حمادة فراعنة
لم يكن الفنان الشعبي المناضل مصطفى الكرد، مجرد، «مغنواتي» يُجيد الغناء، والعزف بل كان مناضلاً شعبياً، مُكافحاً من أجل القدس وفلسطين، من أجل عكا وغزة كما الناصرة ويافا، يسكنه الانتماء للقدس وحواريها، وفلسطين وتراثها.
لم يكن مغني الملاهي والحفلات والأعراس وسهرات الشباب، كان فدائياً أنجبته الانتفاضة الأولى، وهو وريثها، ابنها الذي جسدها، وعمل بها ومعها بأدواته ومفرداته وفنه.
كان الصوت من حنجرته، وعوده والجيتار هي أدوات كفاحه، ضد الاحتلال، أدوات تحريض شعبه لمواجهة المستعمرة وأدواتها ضد العبرنة والأسرلة والتهويد، كانت وسائله مع الجموع لتستمر الانتفاضة وتنتشر لتتسع، كي تصل بخطواتها التدريجية نحو الحرية والاستقلال.
كانت كلمات محمود درويش وسميح القاسم، هي التعبير عن الكل الفلسطيني، وحدة الاداة والموقف، ورفض الظلم، ومواصلة الحلم نحو فلسطين كما يجب أن تكون.
رحل مصطفى الكرد، بعد أن ترك أثراً ليس فقط عبر ولده درويش، بل عبر أغانيه وكلماته وموسيقاه التحريضية في الدفع نحو الانتماء والاصالة، وشيوع مناخ الفعل الفلسطيني، عبر الفن الفلسطيني، وهذا ما نجده في دلال أبو آمنة الاستاذة الجامعية، التي تعرضت للاعتقال بسبب انحيازها وأمانيها، غيظاً من الاحتلال على أدائها الفلسطيني في الحفاظ على التراث الفني الشعبي، بنت الناصرة التي تعملُ في حيفا، وتُغني مع نساء نابلس والقدس والخليل وأريحا وبيت لحم.
لم يرحل مصطفى الكرد، بسبب مرضه فقط، بل رحل حزناً ووجعاً وألماً على شعبه في غزة، على ناسه في القدس والضفة وسائر فلسطين، إنه شعبي الاداء ولكنه كان نبيلاً في مشاعره وأحاسيسه ومترفعا عن الملذات والسهر وادوات المتعة، هكذا كان مع الناس، مع اسرته، مع زوجته الالمانية التي شاركته الوجع والفلسطنة رغم أنها تملك القرار والقدرة والإمكانية كي يعيشا في ألمانيا، ولكنها كانت مثله تعشق القدس، وتحب فلسطين، ولهذا بقيت معه بلا تردد، بوعي وانحياز.
رحل مصطفى الكرد كالكبار الذين يستحقون التكريم، و يوم تكريمه تكون مع فلسطين الحرة المستقلة التي عمل لأجلها، وغنى مع شبابها، وانتفاضاتها، ومع أبرز قياداتها، سواء في مناطق 48، أو مناطق 67، أو في مناطق اللجوء والتشرد والمنافي على امتداد خارطة العالم.
له السكينة والاستقرار والحظي أنه ولد في القدس وعاشها كعاشق، وها هو اليوم يُدفن في حضن ترابها الى الأبد.