جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم محمد خرّوب
فجأة وبعد وقت طويل إزداد زَخمه منذ السابع من اكتوبر الماضي, من الحديث الغربي/الأوروبي وخصوصا الأميركي, عن «حل الدولتين» كطريق وحيد لـ«ينّعم» الكيان الصهيوني بالأمان واستكمال «إندماجه» في المنطقة, على ما تقول الرطانة الأوروــ أميركية.
نقول فجأة وفي خِضم حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الفاشية الصهيونية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وبشراكة أميركية مُعلنة, استفاقت شعوب المنطقة ودولها بل والعام بأسره, على «تطور» لافت ومثير في مضامينه كما في توقيته, يقول: ان المملكة المتحدة التي ما تزال تُعرِّف نفسها بـ«بريطانيا العظمى», ستعترف «في يوم ما» بدولة فلسطين, على ما قال اللورد ديفيد كاميرون/وزير الخارجية البريطاني خلال مقابلة له مع وسائل إعلامية لبنانية. ولم يكتفِ كاميرن (أحد «بَطليّ» تدمير ليبيا مع الفرنسي/ساركوزي, كما توني بلير/مع بوش الإبن في تدمير العراق), لم يكتفِ كاميرون بذلك بل أضافَ: «كما قلتُ، فإن دُولاً مثل بريطانيا، وكجزء من سياستنا، كانت دائما مُؤيدة لحل الدولتين، نقول إنه (سيأتي) يوم سنعترف فيه بتلك الدولة، بما في ذلك بالأمم المتحدة، ولكن - إستدركَ - لا يمكن أن يكون ذلك في بداية العملية..يجب أن تنطلق العملية. ولكن يجب أن لا تكون في نهايتها». علما ان كاميرون نفسه كان صرّح أن بلاده (يُمكن أن تعترِف «رسمياً» بالدولة الفلسطينية بعد وقف إطلاق النار في غزة، «دون انتظار» نتيجة المفاوضات المستمرة منذ سنوات حول حل الدولتين).
ماذا عن واشنطن؟
لم تلبث الخارجية الأميركية ان «فاجأت» الجميع, بإعلانها ان الوزير بلينكن (أصدرَ «توجيهات» للمسؤولين في وزارته, بالعمل على دراسة «إمكانية» الاعتراف الأميركي و"الدولي» بدولة فلسطين, في إطار «الرؤية الأميركية» لمستقبل القضية الفلسطينية, في «اليوم التالي» للحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة).
اللافت والمثير دوما ان أخبارا كهذه, جاءت من مصادر صهيونية شاركتها فيها مصادر اميركية على ما نقلَ مراسل الشؤون السياسي لِموّقِعي «واللا» الإسرائيلي و«أكسيوس» الأميركي في 31/1/2024، عن مسؤولَيْن رفيعَيْن في الإدارة الأميركية، في أعقاب التصريحات التي صدرت عن وزير الخارجية البريطاني/ كاميرون، بهذا الشأن، أشار الأخير من خلالها إلى «مُبادرات دبلوماسية تهدف إلى تحقيق تقدّم لا رجعة فيه نحو حل الدولتين».
فهل ثمة تحوّل جوهري في الموقف الأميركي؟, أم أنه مجرّد بالون إختبار يندرج في إطار لعبة شراء الوقت, كي يتمكّن نتنياهو من إستكمال حرب الإبادة على القطاع الفلسطيني؟.
هنا «ينفي» مُعِدّ التقرير لموقعَيّ «واللا/ الصهيوني» و«أكسيوس/الأميركي» وعلى لسان مسؤولين أميركيين حدوث ذلك, بل يؤكد مسؤولون في واشنطن على أنه «لم يحدث أي تغيير في السياسات الأميركية» بشأن الصراع العربي/ الفلسطيني - الإسرائيلي. لافتاً/ التقرير إلى أن «السياسة التي اعتمدتها واشنطن بهذا الشأن لعقود من الزمن، هي «مُعارضة» الاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة, سواء على المستوى «الثنائي» أو من خلال مؤسسات الأمم المتحدة، والتأكيد على أن الدولة الفلسطينية «لا ينبغي أن تتحقّق» إلا من خلال المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية».
هل قُلتم «عقيدة بايدن» التي روّج لها توماس فريدمان مؤخراً؟.
حسنا دعونا نعود الى ردّ فعل نتنياهو على تصريحات الرئيس الأميركي بعد المكالمة الهاتفية «الشهيرة» بينهما في 20 كانون الثاني الماضي, بعدما قيل ان بايدن لم يتحدث مع نتنياهو منذ ثلاثة أسابيع. إذ سارع الأخير الى رفض ما جاء على لسان بايدن بخصوص إقامة دولة فلسطينية بعد انتهاء الحرب. مضيفاً/نتنياهو: إنّه لن يتنازل عن السيطرة الأمنية الكاملة لإسرائيل على غربي نهر الأردن (الضفة الغربية وقطاع غزة). مشيراً في منشور له عبر حسابه الرسمي على منصة «X»: «لن أتنازلَ عن السيطرة الأمنية الكاملة لإسرائيل على غربي نهر الأردن، وهذا يتناقض مع الدولة الفلسطينية». عِلماَ أن بايدن كان قال: إنه «تحدّث» مع نتنياهو عن الحلول المُمكنة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، مُشيراً إلى أن «أحد المسارات قد يتضمن تشكيل حكومة غير عسكرية».
فهل يمكن الإتكاء على تصريحات عابرة كهذه؟ يتبرع توماس فريدمان للترويج لما اعتبره «عقيدة بايدن» ذات المسارات «الثلاثة», التي في نظره «قد تُصبح أهمّ عملية إعادة تنظيم استراتيجي في المنطقة منذ معاهدة كامب ديفيد عام/1979». وما يعنينا في هذه العجالة «المسار الثاني/ وفق ترتيب فريدمان, الذي يتمثّل في:–إطلاق مبادرة دبلوماسية أميركية غير مسبوقة من أجل قيام دولة فلسطينية «الآن». تشمل «شكلاً ما من أشكال» اعتراف الولايات المتحدة بدولة فلسطينية «منزوعة السلاح» في الضفة الغربية وقطاع غزة، «لا تُقام» إلا بعد أن يُنشئ الفلسطينيون «مؤسسات وقدرات (أمنيّة) مُحدّدة وذات مِصداقية», تضمَن قابلية هذه الدولة للحياة و«عدم قدرتها على تهديد إسرائيل».
متى وكيف ووفق أي شروط وضمن أي «حدود»؟, ومَن المُؤهّلون لقيادتها وآلية وصول «هؤلاء» للحكم؟ ودائماً ماذا لو «خسِر» الانتخابات الرئاسية وعاد صاحب «صفقة القرن» إلى المكتب البيضاوي؟.
kharroub@jpf.com.jo