جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم محمد خرّوب
باستثناء قنوات التلفزة الصهيونية, لم تُتح الفرصة للصحف الورقية «الإسرائيلية", التعليق على أو إبداء الرأي في ما أصدرته محكمة العدل الدولية, من «أوامر» يوم الجمعة الماضي, كون السبت عطلة في الكيان العنصري الإستعماري. الأمر الذي جسّدته الصحف اليومية «الأربع».. هآرتس, يديعوت أحرونوت, معاريف وإسرائيل هيوم أول أمس/الأحد. على نحو عكس تبايناً في القراءة والرؤى, وبدا في معظم ما كُتب وتم تحليله, أن هناك من رأى فيه «نصراً» لإسرائيل, مُتّكئاً على أن المحكمة الدولية «لم» تُصدر أمراً للكيان بوقف إطلاق النار, فيما حمّل آخرون نتنياهو المسؤولية, ولم يتردّد غيرهم في الدعوة إلى «تجاهل» المحكمة وقراراتها, بل مضى بعضهم إلى مهاجمة دولة جنوب إفريقيا.
لنبدا من «مانشيتات/ عناوين الصحف الصادرة أول أمس/الأحد, إذ حملت الصفحة الأولى من هآرتس العناوين التالية: ** قرار لاهاي هو انتصار لحركة المقاطعة، وهو مسجل على اسم نتنياهو. ** القرار في لاهاي ينطوي على إنجاز لكنه ينطوي على تحذير للمستقبل أيضاً.** مصادر: إسرائيل ستدّعي أن الأوامر في لاهاي تُنفذ منذ الآن.
أما عنوان يديعوت أحرونوت فجاء كما يلي: ** خمس ملاحظات عن الحسم في لاهاي. في حين «خلتْ» صفحة «معاريف» الأولى من أي عنوان. أما «إسرائيل هيوم» فبرز فيها «عنوانان": ** إنجاز لإسرائيل: المحكمة لم تمنع استمرار القتال. **لا تفرحوا بالإنجاز: على إسرائيل أن تتنكّر لصلاحيات المحكمة في لاهاي.
ماذا عن مقالات الرأي؟.
كانت لافتة المقالة التي كتبها «ألوف بِن"/رئيس تحريرهآرتس, وعنوانها: «قرار لاهاي هو انتصار لحركة المقاطعة، وهو مُسجّل على اسم نتنياهو", جاء فيه: الشخص الذي وعدَ بتعزيز مكانة إسرائيل بين الأمم, أوصلها إلى مكانة الدولة المُجرِمة. وكل تاريخه السياسي كان فقط المُقدمة لكارثة 7 أكتوبر وتداعياته. مُضيفاً: «قبل حوالي سنة ونصف عشية الانتخابات التي فاز فيها للولاية السادسة, لخّص رئيس الحكومة/نتنياهو حياته ونشاطاته, في كتاب ذكرياته «بيبي: قصة حياتي». يصعُب–تابعَ بِن–تخيّل سيرة ذاتية تقادمت بهذه السرعة. أي كتاب في المستقبل سيُكتب عن نتنياهو, سيتركز على حرب 7 أكتوبر وتداعياتها. من الآن فصاعداً ـــ إستطردَ الكاتب ــ هذه هي قصته وقصتنا جميعاً. الكارثة التي أَنزلها على الدولة سيتم تذكّرها على اعتبار, أنها الحدث المُؤسس في حياته وحياة إسرائيل. كل ما قاله نتنياهو وفعلَه قبل ذلك سيتم حشره في فصل المقدمة، وسيتم تعليمه في دروس التاريخ في قائمة «العوامل والظروف التي أدّت إلى المأساة».
قرار–ختمَ بِن–حُكم محكمة العدل الدولية, هو الانتصار الأكبر لحركة بي.دي.اس/ BDS التي تنفي شرعية وجود إسرائيل. وهو أكثر بألف ضِعف من قرار الأمم المتحدة الذي تم إلغاءه, والذي يُساوي بين الصهيونية والعنصرية، ومن المظاهرات في الجامعات الأميركية أو من عروض المُقاطعة التي قام بها روجر ووتر وأصدقاءه.
وقد التقت مع ألوف بِن, «أُسرة تحرير/هأرتس» في القراءة ذاتها. إذ جاء في إفتتاحيّتها بعنوان: «بطاقة صفراء من لاهاي", ما يلي: ردّت محكمة العدل الدولية, طلبَ جنوب افريقيا إصدار أمر, بوقف القتال في القطاع بدعوى الإبادة الجماعية، واكتفت بإصدار بضعة أوامر احترازية تُلزم إسرائيل بمنع الإبادة الجماعية. ورغم ذلك–أضافتْ–مَحظور التقليل من خطورة الوضع, وتجاهُل موافقة المحكمة على فحص الإدعاء بالإبادة الجماعية. الحكومة، الكنيست، رئيس الدولة، الجيش والجمهور في إسرائيل–لفتت–يجب أن يَروا بقرار المحكمة تحذيراً خطيراً وأن يُنفّذوا القرار.
أما في يديعوت أحرونوت فكتبَ/ايتمار آيخنر تحت عنوان: «خمسُ ملاحظات عن الحسم في لاهاي».. يقول في ملاحظة منها: «ليس كل شيء إيجابياً. لا ينبغي التباهي بالإنجاز أكثر مما ينبغي. فمجرد حقيقة أننا جُرِرنا إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي (والتي أقيمت بتأييد من إسرائيل بعد المحرقة... يزعم الكاتب), بل ومن دولة (فاسدة) كجنوب افريقيا، مُتوادّة مع إيران وحماس, فهذا–أضافَ–ضرر إعلامي جسيم سيُرافقنا لسنوات. حتى لو كان احتمال أن تثبت جنوب افريقيا بأن إسرائيل ارتكبت جريمة إبادة شعب طفيفاً, فقد نجحت منذ الآن في أن تصل إسرائيل بما لم تنجح فيه حركة الـ «بي.دي.اس/ BDS» على مدى عشرات السنين. بالمناسبة–ختمَ ملاحظته–مَن ساهمَ جوهرياً في هذا الوضع, هُم وزراء اليمين وتصريحاتهم غير المسؤولة.
أخيراً في صحيفة «معاريف» كتبَ المحامي/ آفي كالو تحت عنوان: «تعادُل تكتيكي، انتصار استراتيجي» يقول: إن قرار مُشاركة رئيس المحكمة العُليا المتقاعد/أهارون باراك كقاضٍ إستثنائي في الإجراء، تبيّن كما كان متوقعاً قراراً دراماتيكياً. فضلاً عن مُعارضته لمعظم الأوامر الاحترازية (إلى جانب القاضية من أوغندا)، موقفه في رأي الأقليَّة بالنسبة للنِيّة لفحص احتمال الإبادة الجماعية, تضع أساساً قانونياً هاماً لتآكل الحِجج في الموضوع في سياق الطريق, واستبعاد قول ذلك وان كان الطريق إلى هذا لا تزال طويلة ومُعقدة. من خلف الكواليس–أضافَ الكاتب–يُمكن الإفتراض بأن باراك، القانوني الإسرائيلي المُقدّر للغاية في العالم، أَثَّرَ، وازنَ وخلقَ وزناً مُضادا، حتى في المحفل المُتحيز تقليدياً ضد إسرائيل. الأمور واضحة بين السطور في القرار المرحلي للمحكمة، الذي انتهى بالتعادل، لكنه ينطوي على انتصار استراتيجي لإسرائيل.