جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم حمادة فراعنة
لم تنتصر فلسطين ولن تنتصر على مشروع المستعمرة الإسرائيلية بالضربة القاضية، بل تسير عبر تقديم التضحيات، و ممارسة النضال، وتنوع الأشكال والأدوات الكفاحية، بشكل تدريجي متعدد المراحل نحو الانتصار وهزيمة المستعمرة واندحارها.
معركة 7 أكتوبر حملت إنجازاً مزدوجاً باتجاهين: 1- فشل اجراءات المستعمرة سلفا في منع تنفيذ العملية نفسها و الفشل في مواجهة تداعياتها، عبر الهجوم على قطاع غزة، 2- نجاح المقاومة في تنفيذ العملية يوم 7 أكتوبر، وقدرتها على استيعاب الهجوم الإسرائيلي والتصدي له وإخفاق قوات المستعمرة بإطلاق سراح الأسرى، وفي اجتثاث المقاومة، وفي دفع أهالي قطاع غزة نحو الرحيل إلى سيناء على أثر القصف الهمجي التدميري العشوائي المنظم، مما سبب في قتل عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين.
وحقق الفلسطينيون نجاحاً بفعل مبادرة جنوب إفريقيا وانجازها نحو التوجه إلى محكمة العدل الدولية، وإصدار قرارها يوم الجمعة 26/1/2024 لصالح الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ومطالبه المشروعة.
جنوب إفريقيا بادرت إلى تقديم شكوى إلى محكمة العدل الدولية يوم 29/12/2023، بشأن ارتكاب المستعمرة جرائم قتل وإبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، وقد تجاوبت المحكمة مع الطلب، وعقدت جلستي استماع يومي 11 و12 كانون الثاني يناير 2024، لكل من جنوب إفريقيا، والمستعمرة الإسرائيلية، قدمت خلاله جنوب إفريقيا ملفاً من 84 صفحة يتضمن أدلة على قتل المستعمرة لعشرات الآلاف من الفلسطينيين في قطاع غزة، وخلق الظروف المهيئة «لإلحاق التدمير الجسدي بهم» ما يعتبر على أنه جريمة «إبادة جماعية» بحق المدنيين الفلسطينيين، ومن جهتها طالبت المستعمرة برد الدعوى، لعدم توفر النوايا وغياب اجراءات التورط بمثل هذه الجرائم.
في قرارها الصادر يوم الجمعة 26/1/2024، ردت المحكمة برفض طلب المستعمرة رد الدعوى، وأكدت أن جنوب إفريقيا لها الحق في رفع الدعوى بانتهاك المستعمرة لالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية، وأن الفلسطينيين يشكلون مجموعة وطنية عرقية محمية بموجب المادة الثانية من اتفاقية منع الإبادة الجماعية، وبذلك حققت المحكمة في نفاذ شروط عقدها والاستجابة للدعوى، ورفض طلب المستعمرة إغلاق الدعوى وردها.
وقد استندت محكمة العدل الدولية إلى تقارير دالة على ارتكاب جرائم بحق الشعب الفلسطيني ومنها:
أولاً بيان مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية الصادر يوم 5 كانون الثاني يناير 2024 الذي ينص على: «غزة تحولت إلى مكان لليأس والموت، والعائلات تنام في العراء، وتم قصف المنشآت الطبية تحت هجوم مستمر، وأن كارثة إنسانية تنكشف أمام أعيننا، وغزة أصبحت مكانا لا يمكن العيش فيه والناس يواجهون تهديدات يومية على حياتهم».
ثانياً استندت لبعثة منظمة الصحة العالمية لجنوب غزة التي أشارت في 21 كانون أول ديسمبر 2023 إلى أن: «هناك 93% من تعداد سكان قطاع غزة يواجهون مستوى غير مسبوق من المجاعة مع عدم وجود ما يكفي من الطعام وسوء التغذية».
ثالثاً استندت لبيان وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا الصادر يوم 13 كانون الثاني يناير 2024 أنه: «قد مرت فترة على بداية الحرب المدمرة والقصف المستمر على غزة، والذي تسبب في نزوح عدد كبير من السكان».
كما اعتمدت المحكمة على بيان المقرر الخاص والخبراء المستقلين ومجموعة العمل الخاصة لمجلس حقوق الإنسان، الذين أشاروا إلى أن: «هناك خطابا تحريضيا على الإبادة الجماعية، يأتي من مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى».
وعليه طالبت المحكمة، بعد أن أقرت أن الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة تسببت بخسائر بشرية كبيرة، ودمار للبنية التحتية ونزوح للأغلبية العظمى من الشعب الفلسطيني، ولهذا قررت المحكمة أن على المستعمرة إتخاذ إجراءات لمنع التدمير والحفاظ على الأدلة المتعلقة بارتكاب إبادة جماعية، وقررت أن على المستعمرة تقديم تقرير حول التدابير الآنفة الذكر للمحكمة خلال شهر من تاريخ صدور هذا القرار.
ولهذا يمكن القول إن أحد شبابيك جهنم فتحت أمام المستعمرة ان لم يكن أحد أبوابها، على طريق انحطاط مكانتها الدولية.