جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم محمد خرّوب
استكمالاً لعجالة أمس, يواصلَ الباحث السياسي الروسي/غسانوف, سرديته اللافتة حول الأسباب التي دفعت ثعلب الدبلوماسية الأميركية/هنري كيسنجر, لابداء «تشاؤمه» حول المستقبل المُظلم لدولة العدو الصهيوني في المنطقة, قائلاً: «مع التصعيد المُتزايد والتهديد المُحتمل باحتلال غزة، وربما بقية فلسطين، قد تفقد الولايات المتحدة مصداقيتها تماماً في المنطقة، وقد تجد إسرائيل نفسها معزولة تماماً.إدراكاً لهذه الحقيقة القاسية»، قال كيسنجر البالغ من العمر 100 عام للصحفي الشهير/فريد زخريا في مقابلة «أخيرة»: إنه «قلِق بشأن قدرة إسرائيل على البقاء على المدى الطويل».
لا أعتقد أن هذا كان رد فعل على الأحداث الأخيرة - يلفِت غسانوف -, في عام 2012، قال كيسنجر: إن «إسرائيل قد لا تكون على خريطة العالم خلال عشر سنوات». وقبل وفاته، أعرب عن قلقه من أن الصراع والتصعيد يمكن أن يصل إلى مستوى إقليمي، و«سينتهي بنا الأمر إلى ما كنا عليه في عام 1973».
وإذا كان السلام قد تحقق في ذلك الوقت - يقول الكاتب - بفضل جهود الرئيس المصري أنور السادات، فقد لا تكون إسرائيل محظوظة هذه المرة. ثم يتساءل: هل كيسنجر خائف حقاً على مستقبل إسرائيل؟ أم أن هذا عنصر من عناصر الشعبوية من أجل القيام بواجبه الأخير, تجاه «الوطن التاريخي» وحشد قدرات الناتو لدعمه؟..مُجيباً على تساؤله: ربما كلاهما. مضيفاً: لقد أصبح من الواضح أن الغيوم تتجمّع فوق إسرائيل.
وحتى لو أصبح ــ (يواصِل الأكاديمي والباحث السياسي الروسي, خبير المجلس الروسي للشؤون الدولية. وفق ما كتبه على موقع وكالة Regnum للأنباء, كما ترّجمَه الصديق الدكتور/زياد الزبيدي).. لدى إسرائيل الآن جيش أقوى كثيراً، و«طبقاً للشائعات»، تمتلك القنبلة الذرية، وفلسطين شبه مُحتلة، فإن أعداء إسرائيل زادوا أيضاً. وستكون (قوات إيران وتركيا كافية لاحتلال إسرائيل في غضون ساعات). ومن الواضح أن هذا إجراء مُتطرف، ولكن يتعيّن على الساسة أن يأخذوا في الاعتبار كافة المخاطر.
وكيسنجر، باعتباره سياسياً ومُنظِّراً صاحب رؤية - يُتابع غسانوف -، كان يضع هذا في ذهنه بالضبط عندما تحدث عن اختفاء إسرائيل. وعلى المدى الطويل، ومع ضعف الموقف الأميركي في المنطقة - وهذا اتجاه حقيقي بالفعل - فإن إسرائيل لن تتمكن، كما كانت من قبل، من الاعتماد على دعم الأخ الأكبر/Big Brother.
المشكلة الوحيدة في تقديرات كيسنجر - يلفِت الكاتب - هي أنه لم يعترِف بذنب إسرائيل في التصعيد الحالي والسابق. كما ألقى اللوم على الجانب الفلسطيني وحده، فضلاً عن أوروبا، في خلق وهم الصمت والإفلات من العقاب لصالح حماس، الأمر الذي أدى بالتالي إلى تشجيع هجوم على إسرائيل. كما أن كيسنجر لم يعترف بحق حماس في الوجود وأيّد تدمير هذه المنظمة. بل إنه اقترح في أحد خطاباته عدم إنشاء دولة فلسطينية.
إن أُطروحَتيّ كيسنجر الأخيرتين «حول خطر وجود إسرائيل وتدمير فلسطين - يختِم غسانوف - تتعارضان بشكل مُباشر مع بعضهما البعض. ربما يكون الجواب بالتحديد هو أن الرغبة في تدمير فلسطين, خلقت الوضع الذي بسببه أصبحت إسرائيل مهددة بالانقراض؟. من المؤكد أن كيسنجر فهم هذه الحقيقة. لكن «أصوله» (الدينية. يقصِد الكاتب) منعته من الاعتراف بها علناً. وربما تكون هذه هي الحالة الوحيدة التي فكّر فيها الاستراتيجي العظيم, ولم يسترشد بشروط السياسة الواقعية التي أشاد بها، بل بالشعور بـ«الوطنية العمياء».
في الخلاصة..هل يُدرك فاشيّيو تل أبيب, المصير البائس, الذي ينتظر مشروعهم الاستعماري الإحلالي العنصري في المنطقة العربية, القائم على خيار القوة العسكرية والدعم متعدد المجالات الذي تقدمه لهم الولايات المتحدة, ومواصلتهم إنكار حقوق الشعب الفلسطيني؟.
** إستدراك:
في أحدث مقالة له/12 الجاري, حذّر الفيلسوف الروسي الشهير/الكسندر دوغين, والذي يُوصف بـ«عقل بوتين»: بأن «العالم على شفا حرب عالمية ثالثة»... نقتبس منها الفقرة التالية,وفق ترجمة د.الزبيدي: (ليس هناك شك في أن الإسرائيليين لا ينوون التوقف حتى يُدمروا الفلسطينيين بالكامل, فـ«الحرب بالفعل ذات أبعاد توراتية»، ولكن من الواضح أن جبهات أخرى سوف تنفتح تدريجياً. فهل يؤدي هذا إلى حرب عالمية ثالثة؟. ربما نعم. وبمعنى ما، فهي جارية بالفعل.
لكي تُصبح الحرب حربًا عالمية - يُضيف دوغين -، من الضروري، أولاً وقبل كل شيء، أن تكون هناك كتلة حرجة من التناقضات المُتراكمة, التي لا يمكن حلها بأي طريقة أخرى غير عسكرية. تم استيفاء هذا الشرط. ولا ينوي الغرب التخلي طوعاً عن هيمنته. والأقطاب الجديدة - الحضارات المُستقلة الصاعدة، والدول الكبيرة - لا تُوافق على التعايش مع هذه الهيمنة. علاوة على ذلك، تُثبت الولايات المتحدة والغرب الجماعي, عجزهم التام عن أن يكونوا قادة للإنسانية، دون القضاء على الصراعات والحروب الجديدة، بل التحريض عليها بسياساتهم).