جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب - عبدالحافظ الهروط
كنت أعددت هذا المنشور، لمشاكسة أهالي الطلبة، الذين نجح أبناؤهم، والذين لم يحالفهم الحظ وبهذا العنوان" ترى معدلات الآباء والأمهات ما تعدت معدلات درجات الحرارة بالمملكة".
ولكن "السيدة الأولى" التي تربعت على عرش نتائج المملكة، نجاح محمد بني خالد، الأم لثلاثة أبناء ( أحدهم تقدم معها لامتحانات التوجيهي) أفسدت عليّ هذه المشاكشة، لو لم اكن أعددت مسبقاً، مقالاً عن مناسبة نتائج الثانوية العامة اقول فيه:
ينشغل الاردن بمكونه المجتمعي كل عام حين يقبل على نتائج التوجيهي والى أن تُعلن، وكأن طلبتنا
يجرون الامتحانات أول مرة، وليست على امتداد عقود طويلة.
الحصيلة أو النتيجة المؤكدة، هي أن هناك ناجحين بمختلف المعدلات، ومنهم من لم يحالفه الحظ، حتى وإن حصل على معدل أعلى بكثير من معدل زميل نجح ، وفي هذا وجهة نظر، وهي متروكة لوزارة التربية والتعليم، لتبيان وجه العدالة!.
ليس هذا القصد من وراء هذا المقال، ولكن أجزم أن جميع هؤلاء الطلبة، هم بناة الوطن، وكل ضمن موقعه، وإلا لما وجدنا اختلافات وجهات نظرنا حول بعض سياسات في هذه الدولة، وفي أمور كثيرة.
أعداد من أبنائنا سيواصلون دراساتهم الجامعية، وأعداد أُخرى ستذهب الى مؤسسات عسكرية، وربما الى مؤسسات مدنية، وهناك من يتوجه الى عمل خاص، أياً كان شكله، ولا شك أن بعض الطلبة سيعيدون المحاولة، لرفع معدلاتهم، أو لغاية النجاح، كما فعلت " السيدة الاولى" بعد أعوام طويلة.
كل هذه الامور، هي التي يجب أن يعمل عليها الطلبة بدعم من الآباء، لأنه لا يوجد فشل في الحياة، وإنما الفشل أن تحكم به على نفسك ولا تنزعه منها وتستسلم.
كم من شاب أو شابة، أخفق في مسيرة حياته/ا، دراسية وغير دراسية، فكان الإخفاق طريقاً للنجاح الباهر، وهناك من تفوق في حياته على من كان متفوقاً عليه دراسياً، ذلك أن الحياة لا تتوقف عند محطة بعينها، ولأن الطموحات، وبتوفيق من الله، وراء كل نجاح.
شبابنا وشاباتنا، أينما وجدتم، لا تيأسوا، ولا تقنطوا، ..لا تستسلموا لكلام يحبطكم، ولست هنا أدغدغ عواطفكم، ولكن أقول لكم من واقع التجربة، وهي تجربة ليست خاصة بي، وإن مررت في بعض مراحلها، وإنما مر بها آلاف الشباب والشابات، وقد عاشوا ظروفاً أُسرية ماحقة، وبعزيمتهم واستعانتهم بالله، غدوا من قيادات الوطن، وأداة في بناء الدولة، وحماتها، لا بل يعيشون اليوم حياتهم بكل كرامة، وينعمون بالرخاء، قياساً بما عانوه من جوع وفقر في بدايات كفاحهم.
لقد وجدت هذا النهوض الاردني، عند كثير من الشخصيات القيادية، وذلك من من خلال اللقاءات التي تجريها " الرأي" في "استراحتها الاسبوعية"، وقد مرّ جلّهم بظروف قاسية، حتى أن كثيراً منهم، كانوا يذهبون الى مدارسهم ويعودون الى منازلهم لمسافة ٦ أو ٧ كيلومترات مشياً على الأقدام، ومنهم من ظل يمضي في دراسته بعد الدوام الى نهاية النهار لعدم توفر الإضاءة ليلاً.
صحيح انني اتحدث عن ذاك الجيل، ومن لحق بهم، او من كان على شاكلتهم، وليس جيلكم، ولكن هناك، ايضاً، من يوجد بين ظهرانيكم، وقد كانت ظروفهم، أصعب عيشاً، إلا إنهم وبإرادتهم، تفوّقوا على أنفسهم وظروفهم، وتحصّلوا على معدلات، أعلى من أقرانهم الذين ينعمون بالرفاه ، مع أن تلك الفئة درست في قرى وبادية، ومدارس بسيطة، فيما آخرون درسوا في مدارس خاصة كبرى، ويخضعون لدروس خصوصية بعد الدوام!.
أردت من كل ما عرضت، هو الّا يحبطكم الإخفاق في الثانوية العامة، فـ" التوجيهي" ليس نهاية الحياة.
كلكم جميعاً- ولا استثني طالباً أو طالبة- ستكونون اداة بناء، بعونه تعالى، وليس معول هدم، لا قدّر المولى، والله الموفق.