جفرا نيوز -
جفرا نيوز- كتب - ناجح الصوالحه
يشدنا دائماً شيء نستغرب من ماهيته نحو الاختباء داخل النفس والابتعاد كثيراً عن الخارج, يزداد هذا الشيء وتعتقد أنه خارج عن المألوف والطبيعة وتكون بحال تجبرك أن تساير هذا الاختباء والعودة للداخل. بدايات هذا الأمر تكون في حيرة واستغراب وتسعى الى أن تعاند وتقف موقفا صلبا في وجه السير نحو المبتغى, تفشل في النهاية وتكون «مُسير» لا «مخير» في أن تقتاد حيث يذهب بك هذا البعد لتعيش وتستمر.
يحيط بك عالم من الأضواء والعلاقات والأشخاص بعضهم استمرت علاقتك بهم عشرات السنين وفي أول مواجهة تخسرهم ويكون طريقهم في مسار آخر وكان ما صنعه تاريخكم كل هذه السنين ذهب لسبب بسيط ويختفي ليعتقد البعض أن الآخرين دورهم أن يقولوا لك حاضر في اي وقت وفي أي أمر دون أن تبدي رأيك, أنت وجدت لأجله وتستغرب عندما تسعى أن تجعله يدرك أنه على خطأ, هؤلاء رغم أن الابتعاد عنهم «غنيمة» ومكسب، وتدخل في صراع داخلي, كيف يتدبرون الأمور؟.
كان لنا حكايا مع الزمن الماضي نعيش أحداثها للآن ونتعجب من أوصل زماننا لهذا الحال؟, كان «المعروف» معروفاً مدى الحياة ويضرب به المثل والروايات, نعود لزمن الأباء والاجداد والجيران تجدهم «البلسم» لنا لنستمر في هذه الحياة» بعدما طغى على زمننا الجحود والنكران والهجر والحقد والتصيد للزلات, تجد الكل يبحث عن تفاصيل تلك الأيام ومقوماتها ودورها في تجاوز صعوبات تلك الأيام, يبكي بعضهم عندما يقارن هذا الزمن بذاك الزمان, زمن الطيبين الذين رحلوا وبقين نحن نصارع هذه الأيام البعيدة عن قيمنا وسمو أخلاقنا.
لنقر بأن «أعماقنا» تغيرت ولم تعد كما كانت, الأخ لم يعد الأخ، والجار ليس جار تلك الأيام, والصديق هو صـاحب حاجة يبقى إلى أن ينتزع حاجته ويذهب لآخر عنده حاجة, وإن وجد بعض الاستثناء لكن لا يذكر, هي الحياة تذهب بنا في كل يوم إلى المجهول والابتعاد عن قيمنا التي رفعتنا الى مصاف الحضارة فيما مضى.
أصبح المطلب أن يعيش الشخص في معزل عن الآخرين لينال هدوء وراحة تعينه على مواكبة مجريات هذه الحياة, تجدهم يتركون المدن وفي مناطق بعيدة من جديد يكون لهم مستقر, لن نستمر او نتلاءم مع اجواء هذه الأيام وهي بكل يوم تعلمنا باستحالة العيش مع المحيطين بك, هو الاختباء والابتعاد لنعالج ندوب الزمن المفلس, لنقول وداعاً لمن كان يوماً في نفس الدرب والمكان ومن نفس الدم.