النسخة الكاملة

مُشعِلو «الحروب» عندما «يتباكونَ».. على «قوت» الفقراء وأمنهم الغذائي!

الخميس-2023-07-20 09:39 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم محمد خرّوب

فجأة استيقظ الغرب الاستعماري على حقيقة تعليق اتفاقية تصدير الحبوب عبر البحر الأسود, بعد عام كامل من إصرار الولايات المتحدة كما الاتحاد الأوروبي, على «رفض» تنفيذ الشق الخاص بروسيا في هذه الاتفاقية «الرباعية", التي تضمّ إلى جانب أوكرانيا وروسيا.. تركيا والأمم المتحدة, والمتمثلة بربط البنك الزراعي الروسي بنظام سويفت للتحويلات المالية، إضافة إلى السماح لشركات التأمين إصدار شهادات تأمين للسفن الروسية وغير الروسية, التي تقوم بتوريد الحبوب والمشتقات الزراعية من بذور وزيوت وأسمدة إلى دول العالم, وخصوصاً قيام أوكرا?يا بإعادة ربط خط الأمونيا الذي يمر بأراضيها باتجاه موانئ البحر الأسود بعد أن قامت بتفجيره, كي تحول دون تصدير الأمونيا الروسية إلى دول العالم ومنها دول الاتحاد الأوروبي.

تجاهلت واشنطن وبروكسل كما كييف, التحذيرات الروسية التي تكررت طوال عام كامل (تموز 2022الى 18 تموز2023) بضرورة تنفيذ الشق الخاص بروسيا من الاتفاق, الذي تم التمديد له أكثر من مرة.. لكنها استيقظت فجأة بعد أن ترجمت موسكو تحذيراتها عملياً, بإعلان انتهاء العمل به, مؤكدة سحب ضماناتها الامنية وإغلاق الممر الإنساني الذي فتحته أمام السفن الناقلة للحبوب والزيوت الأوكرانية.

رهط المسؤولين والناطقين باسم واشنطن وبروكسل كما فرنسا وبريطانيا, انطلقوا في حملة نفاق شعواء لشيطنة روسيا على قرارها الانسحاب من الاتفاقية, ولم يترددوا في استخدام لغة ومصطلحات أقل ما يمكن أن يقال فيها أنها استفزازية تفوح منها رائحة الغطرسة, ومحاولة مكشوفة للتنصّل من تراث تاريخ إستعماري مُخز وقبيح, سجله المستعمرون الاوروبيون وخصوصاً ما حفل به التاريخ الأميركي قديمه والجديد, من نهب لثروات الشعوب واستعباد لشعوب أخرى, فضلاً عن الإتّجار بالرقيق وفرض عقوبات تفتقر إلى الحد الأدنى من الإنسانية, على النحو الذي رأينا? في فيتنام والعراق وليبيا ودول عديدة في أميركا اللاتينية, كما في الوطن العربي بشكل عام, وبخاصة في الدعم وتغطية جرائم الحرب والتطهير العرقي الذي قارفته العصابات الصهيونية ودولتها العنصرية, ضد الشعب الفلسطيني وإن نسينا فلا ننسى التصريحات الفظة والوقحة التي بررت فيها وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت, العقوبات الأميركية غير الشرعية عندما استهانت بوفاة نصف مليون طفل عراقي قائلة: «نعم.. خيار صعب لكن كان يستحقه هذا»، في الوقت ذاته الذي علينا عدم نسيان ما كان يفعله المزارعون الأميركيون بموافقة من حكومتهم, ?بر إلقاء ملايين الأطنان من القمح والذرة ومنتجات زراعية أخرى «في البحر» حتى لا تنخفض أسعار تلك المنتجات, فيما كانت المجاعة وسوء التغذية تفتك يلايين الأفارقة وبعض الدول الشرق اوسطية والآسيوية.

تاليا عيّنة من ردود الفعل الاميركية والأوروبية «الرسمية دع عنك الإعلامية ذات البعد الدعائي", على قرار موسكو الانسحاب من اتفاقية تصدير الحبوب عبر البحر الأسود.. ولنبدأ من تصريح ليندا توماس غرينفيلد المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة, التي وصفت قرار موسكو بانه «عمل آخر من أعمال الوحشية الروسية», وناعتة القرار بالـ «اللعبة السياسية»، وزاعمة أن روسيا «وجّهت ضربة جديدة لأكثر الفئات ضعفاً». أما إدارة بايدن فقد وصفت قرار موسكو بـ«العمل القاسي» الذي سيؤدي إلى تدهور الامن الغذائي ويضرّ بالعالم», فيما لم يخرج أمين ?ام الأمم المتحدة/ المسيو غوتيرش كعادته عن الخط الأميركي المرسوم, واصفاً قرار موسكو بأنّه «سيُوجّه ضربة للمحتاجين», متناسياً أنه شخصياً ساهم في «إنضاج» قرار كهذا بعدما تواطأ مع أوكرانيا مشجعاً إياها على عدم تنفيذ تعهداتها في الاتفاقية). كذلك كان موقف رئيسة الاتحاد الأوروبي الألمانية/ أورسولا فون ديرلاين, التي وصفت قرار موسكو بانه «خطوة أنانية», منددة بالقرار الروسي, فيما اعتبر المسيو بوريل مسؤول الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي, القرار الروسي غير مُبرر وهو - أضاف - بمثابة استخدام الغذاء..«سلاحاً». وانفرد?الرئيس الفرنسي/ماكرون بموقف لافت, عندما طالبَ روسيا بالتوقّف عن «الابتزاز المُتعلق بالأمن الغذائي العالمي», وعليها ــ إضاف في ما يُشبه الأمر ــ أن تُعيد النظر في قرارها. في الوقت ذاته قال متحدث باسم رئيس الحكومة البريطانية/سوناك: ان القرار الروسي «مُخيّب للآمال».

كأنها جوقة موسيقية واحدة يقودها المايسترو الأميركي, الذي كتبَ اللحن ونظمَ الإيقاع وأرسل الإشارات بيديه لأفراد الجوقة, الذين يتزايد عديدهم كلما تعلّق الأمر بروسيا والصين ومعظم الدول المتضررة من الهيمنة الأميركية, وغطرسة الرجل الأبيض الانجلوساكسوني/ الاوروبي..

*استدراك:

تقول إحصائية رسمية للأمم المتحدة أنه تمّ تصدير أزيد من 33 مليون طن من الحبوب والزيوت والبذور ومشتقات زراعية أخرى. ذهبَ منها 40% لـ«أوروبا», 30% لـ«آسيا», 13% لـ«تركيا», 12% لـ«إفريقيا» و5% لـ«الشرق الأوسط».

لكم الآن ان تُدقّقوا جيدا في «هوية» المستفيد الأول من «مبادرة» كهذه, لتكتشفوا بغير عناء انهم جوقة المُتباكين على «قوت الفقرا وأمنِهم الغذائيّ». علما ان روسيا تُبدي إستعدادها تزويد الدول الفقيرة بإحتياجاتها من الحبوب.. «مجّاناّ».


© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير