النسخة الكاملة

الموازنة بين حرية التعبير وضرورة الأحكام العقابية

الخميس-2023-07-20 08:58 am
جفرا نيوز -

جفرا نيوز - د. حمزه العكاليك

يمثل قانون الجرائم الإلكترونية الأردني رقم 27 الصادر في عام 2015 خطوة مهمة نحو تنظيم ومكافحة الجرائم الإلكترونية في الأردن كما أن هذا القانون من اكثر القوانين المثيرة للجدل في الشارع الاردني. وحسب الاسباب الموجبة لمشروع التعديل فان التشريع يهدف إلى أن يشكل حماية لخصوصية البيانات والأمن السيبراني والمشهد الرقمي العام في الأردن. الا ان تقييم نقدي لنقاط القوة والضعف في مشروع تعديل قانون الجرائم الالكترونية وتأثيرها المحتمل على حقوق الأفراد والمجتمع وشكاوى الصحافة والإعلام من أن التعديلات الجديدة ستكون سيفًا معلقًا على رقبة الصحفيين فعلى الرغم من احتواء القانون على احكام مستحدثة الا المادة 11 وتعديلاتها تبقى الاكثر اثارة للجدل.
أدى التوسع السريع في التقنيات الرقمية إلى تغيير الطريقة التي نعيش بها وندير بها شؤون حياتنا اليومية و الأعمال التجارية ، لكن هذا التطور على الرغم من السرعة والسهوله التي قدمها للناس؛ عرّض المجتمعات أيضًا لأشكال جديدة من الأنشطة الإجرامية. رداً على هذه التحديات ، أدخلت الحكومة الأردنية قانون الجرائم الإلكترونية في محاولة لمعالجة وتخفيف المخاطر المرتبطة بالجرائم الإلكترونية ، مع الأخذ في الاعتبار قدرتها على تحقيق التوازن بين الحاجة إلى الأمن السيبراني والحاجة إلى حماية الحقوق الفردية للمواطنين.
من ناحية أخرى ، يعتقد معظم الصحفيين أن قانون الجرائم الإلكترونية يعكس النهج الحكومي والرسمي الحقيقي. فالإصلاح ليس خيارا للدولة وملف الإصلاح ليس مطروحا على الطاولة. فالتعديلات الجديدة الخاصة بـ قانون الجرائم الالكترونية رقم 27 لسنة 2015  تنشأ حصانة قوية لمن يديرون المشهد العام، والمزيد من السلطة دون رقابة من أي شخص بتعبير اخر انهم يريدون حصانة الملك لأنفسهم. وبالتالي ، لن تكون هناك فرصة للتعبير عن رأي أو وجهة نظر. وعلى ذلك سيتم جر الجميع إلى المحاكم دون شكوى فالتعديلات المقترحة تمنح للنيابة العامة سلطة مطلقة لرفع الدعاوى والقبض على الأشخاص وفق نصوص عرفية مقدمة من الحكومة التي يخرج رئيسها على الطلاب يتحدث عن الإصلاح ، والأيام الجميلة التي لم تأت بعد. ويصّر المعارضون على أن القانون كارثة بكل معنى الكلمة.
يتبين من الاطلاع على احكام التعديلات المقترحة لأحكام قانون الجرائم الالكترونية المتعلقة بخصوصية البيانات وحمايتها افرد مواد ولاول مرة بشكل خاص في هذا الجزء كيفية تتعامل القانون مع البيانات الشخصية واحام عقابية لتسريب او تزوير او الاطلاع على هذة البيانات دون اذن صاحبها الا ان السؤال يبقى هل يتوافق  هذا التعديل مع المعايير الدولية ، مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR)؟ من خلال تحليل آليات القانون لحماية البيانات والموافقة ، يسعى هذا القسم إلى تقييم ضمانات الخصوصية الفردية بالإضافة إلى ذلك ، فيجب أن تحقق التشريعات الفعالة الخاصة بالجرائم الإلكترونية توازنًا بين الحقوق الفردية والحاجة إلى تدابير قوية للأمن السيبراني. ويجب أن تعزز أحكام التعديلات المتعلقة بتعزيز البنية التحتية للأمن السيبراني للدولة من فعالية القانون في مواجهة التهديدات الإلكترونية ، والتعاون بين مختلف أصحاب المصلحة ، ووتوفير الحماية ضد نقاط الضعف المحتملة او النقص وعدم الوضوح التشريعي.
تضيف التعديلات الجديدة على قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية فئات رئيسية جديدة حددها قانون الجرائم الإلكترونية الأردني إلى أحكام القانون النافذ مثل الوصول غير المصرح به إلى أنظمة المعلومات: وتشمل هذه الفئة أي وصول غير مصرح به أو اعتراض أو تداخل مع أنظمة أو شبكات الكمبيوتر. ، أو البيانات بدون إذن مناسب. كما انه تم اضافة تعديل اخر يتعلق  بتداخل البيانات والنظام: ويشمل الإجراءات التي تعطل أو تعيق عمل أنظمة الكمبيوتر أو الشبكات أو البيانات. كما يتضمن ذلك إدخال فيروسات أو برامج ضارة أو أي برامج ضارة أخرى. كما افرد التعديل المقترح نص لنقص كان يعاني منه القانون النافذ المفعول يتعلق بالاحتيال الإلكتروني: حيث تشمل هذه الفئة مختلف أشكال الأنشطة الاحتيالية التي تتم بالوسائل الإلكترونية. ويشمل سرقة الهوية ، والخداع الاحتيالي ، والاحتيال على بطاقات الائتمان ، والاحتيال عبر الإنترنت ، وما إلى ذلك. اما فيما يتعلق بالتزوير الإلكتروني: فيشير تعديل القانون إلى إنشاء أو تغيير البيانات الإلكترونية بقصد خداع الآخرين. ويشمل ذلك تزوير التوقيعات الرقمية والعبث بالوثائق أو السجلات الإلكترونية. وبالنظر الى حكم مضاف اخر يتناول التشهير الإلكتروني: ففي هذه الفئة شملت التعديلات التصريحات التشهيرية التي تتم بالوسائل الإلكترونية مثل منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية ورسائل البريد الإلكتروني وغيرها والتي تضر بسمعة الشخص.
علاوة على ذلك ، اضاف التعديل المرسل من الحكومة نصوص تتعلق باستغلال الأطفال: حيث  يتناول القانون الجرائم المتعلقة باستغلال الأطفال في المواد الإباحية واستغلالهم بالوسائل الإلكترونية. كما يتضمن الاقتراح الجديد انتهاكات حقوق الملكية الفكرية: ويغطي التعدي على حق المؤلف والانتهاكات الأخرى المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية التي تتم من خلال الوسائل الإلكترونية. أخيرًا وليس آخرًا ، الجرائم المتعلقة بالإرهاب: فيتناول القانون أيضًا الجرائم الإلكترونية المرتكبة لأغراض إرهابية أو الأنشطة التي تروج للإرهاب من خلال القنوات الإلكترونية.
الا انه من جهه اخرى  لا يوجد تشريع بدون انتقادات ، ولا يعد قانون الجرائم الالكترونية استثناءً. فالنص القانوني الجديد يسلط الضوء على الإمكانات التي منحها التعديل للسلطات لاستخدام ادواتها في ضبط المشهد الاعلامي من خلال التعديلات الجديدة ، بما في ذلك المخاوف بشأن نطاقها ، والتعريفات الغامضة ، واحتمال إساءة الاستخدام ، وعدم التوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. وبالتالي ، فإن أحد الجوانب الحاسمة في أي تشريع خاص بالجرائم الإلكترونية هو ضمان الحفاظ على حرية التعبير وحماية الحقوق الرقمية للمواطنين. فالتعديلات الجديدة نصت على عقوبات قاسية وغير معهددة في تاريخ الدولة الأردنية. حيث يعتقد نسبة كبيرة من المهتمين بالشأن الاعلامي وحقوق الافراد انه سيتم استخدام هذا النص القانوني كآليات قانونية لحماية الشخصيات الرسمية من الرقابة أو وتشديد الرقابة على الصحافة ووسائل الإعلام مما يحد من فعالية ودور السلطة الرابعة ؛ علاوة على ذلك ، فإن قسوة الأحكام العقابية قد تؤدي إلى استخدام الأردنيين لأساليب متطورة لإخفاء هويتهم للتعبير عن آرائهم مثل الحسابات المزيفة ذات معرف الويب الذي لا يمكن تعقبه أو VPN مع الهاتف المحترق وبطاقات sim غير مسجلة.
وبالتالي ، فإن أزمة التعبير في الأردن لا ينبغي أن تكون سببا في خلق أزمة اجتماعية أو قانونية أو أمنية أو سياسية . ولا يخفى على أحد أن المجتمع قبل الدولة والحكومة عالق بسبب حالات الخروج على القانون وسوء تطبيق محتويات الأفكار مثل المواطن المراسل أو الحق في الحصول على المعلومات. بالتأكيد ، ليس سراً ، من ناحية أخرى ، أن أولئك المهتمين بشكل مباشر برفع مستوى حرية التعبير ، يجب أن يؤسسوا مساحة لقواعد الاشتباك المهنية وأن يضعوا مرشحاتهم المنطقية قبل ان تقوم السلطة بتشريع مرشحات تناسبها. فيجب عدم استخدام احكام التشريعات التي وجدت في الاصل لحماية حرية وكرامة الأفراد كفضاء مقنن لضرب مفهوم ومنطق حرية التعبير الفردية ، ويجب ان لا تسعى السلطات إلى استثمار غير مجدي يفرض مزيدًا من القيود على حريات النشر والتعليق بحجة الانتهاكات والاعتداءات اليومية على جميع وسائل الاتصال وتضييق مساحات الاختلاف بين حقوق الإنسان والكرامة الفردية مقابل حق الجمهور في حرية التعبير.
فإذا ما برمجت السلطات تفكيرها وتعديلاتها على أساس فرض القيود وقمع حريات التعبير وتدفق المعلومات فلن ينجح شيء ولن تكون هناك معالجة وطنية للمحتوى والمضمون للوصول الى الاستخدام الراشد للفضاء الالكتروني والمساعدة على تأسيس الصحافة الراشدة لان الاساس فيمن يتولى المنصب العام تقبل النقد لادائه وبرامجة.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير