النسخة الكاملة

تركيا تدعم «توسع الناتو» من «أجل الاستقرار.. أحقاً؟

الخميس-2023-07-18 09:38 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم محمد خرّوب

في تصريح لافت يستبطن تبرير «انتظام» تركيا في صفوف حلف الناتو بنسخته الموسعة الجديدة, التي تمظهرت بموافقة الرئيس التركي على انضمام السويد وقبلها فنلندا, لحلف بات عدد اعضائه حتى الآن (32 بعد الموافقة التركية الاخيرة). أعلن رئيس دائرة الاتصال/ناطق الرئاسة التركية الجديد/فخر الدين الطون: ان «تركيا تُؤيّد التوسّع الجغرافي لحلف الناتو».. ولكن - أضافَ - ليس ضد اي دولة مُحددة.. مشيرا (في تفسير غير محايد وغير مُتطابق مع واقع ودور الناتو): ان توسّع الحلف «هو مفتاح السلام والإستقرار على المدى الطويل».

موقف تركي كهذا يكاد يزايد على مواقف معظم دول الحلف وبخاصة الاوروبية, التي بدأ بعضها يتململ من الهيمنة الاميركية على الحلف, وتكريسه لخدمة المصالح والاهداف الاميركية التي لا تلتقي بالضرورة مع مصالح الدول الاوروبية. سواء في ما خص افتقار اوروبا الى هياكل ومؤسسات عسكرية دفاعية خاصة بها, ام خصوصا رغبة معظم الدول الاوروبية في سيادة أجواء من السلام في القارة العجوز, وتحديدا في ما خص العلاقات مع روسيا, بعدما أدرك هؤلاء ان التعنت الاميركي والرفض الذي قوبلت به مطالب الرئيس الروسي/بوتين «الأمنِيّة», وخصوصا مطلبه بعدم ?مدّد الناتو الى الحدود الروسية, فضلاً عن دعوته «سحب» الترسانة النووية الاميركية المنتشرة في دول اطلسية عديدة, مثل المانيا وايطاليا وبلجيكا وهولندا وتركيا.

ماذا عن الناتو؟

معروف ان هذا الحلف تأسس عام 1949, اي بعد اربع سنوات من انتهاء الحرب العالمية الثانية. وكان على رأس اهدافه «التصدّي لـِ ومحاربة النفوذ السوفياتي/الشيوعي, الذي توسع أفقيا وعاموديا بعدما سحق للجيش الاحمر السوفياتي النظام النازي, وكان اول الواصلين الى مبنى الرايخ الثالث الذي تحصن فيه هتلر ما اضطر الاخير على الانتحار. ولاحقا ظهر الاتحاد السوفياتي بجمهورياته الاربع عشرة ومنظومة الدول الاشتراكية في اوروبا الشرقية, كقوة هائلة اقتصاديا وعسكريا وديموغرافيا. الامر الذي لم «يعجب» القوى الامبريالية (حليفة موسكو في الحر?). ما استدعى البحث «غربياً/رأسمالياً» عن صيغة عسكرية لمواجهته, فتفتقت أذهانهم عن انشاء حلف شمال الاطلسي/الناتو. وهناك مَن زعم ان الناتو ما كان له ان يقوم ويتشكل, لولا قيام «حلف وارسو» الذي ضم الاتحاد السوفياتي ومنظومة الدول الاشتراكية الحليفة.. وتناسى هؤلاء لِجهلهم ربما خبثهم, ان حلف وارسو لم يتشكّل الا بعد ست سنوات من قيام الناتو.. اي في العام 1955.

فهل توسّع الناتو يضمن «الإستقرار» كما زعم ناطق الرئاسة التركي؟ وهل حقا ان توسّع الناتو المُضطرد الذي قال قادته ان «ابوابه لن تُغلق امام اي دولة تطلب الانضمام له» وأن توسّعه «لن يكون ضد اي دولة محددة؟.

يجدر بنا والحال هذه العودة الى البيانات الختامية التي تصدر عن «قِمَمِه» الدورية التي تعقد سنويا, وآخرها القمة التي انتهت للتو في العاصمة الليتوانية «فيلنيوس».. إذ لم تكتف القمة هذه باعتبار «مستقبل اوكرانيا في حلف شمال الاطلسي, وان اندماج كييف الاوروبي/الاطلسي تجاوز الحاجة الى خطة عمل العضوية»، مُجدِّدة التأكيد على «التزام القادة عام 2008 في بوخارست/رومانيا, بان اوكرانيا ستنال عضوية الناتو».. بل ذهبت قمة الناتو بعيدا في «الاعلان عن إتفاقهم على خطة دفاعية شاملة لمواجهة روسيا».

في الوقت ذاته الذي علينا التدقيق وتفحّص التصريحات التي يُطلقها امين عام حلف الناتو واحد ابرز صقوره, وهو النرويجي/ستولتنبرغ. الذي قال على هامش قمة فلينيوس ان «الحلف لم يعُد منظمة إقليمية للدفاع المشترك بين ضفتي الاطلسي، بل - أضاف - انه اصبح منظمة دولية», يدخل في «نظامها الجغرافي بحر الصين الجنوبي والمحيطان الهادئ والهندي والشرق الاوسط وشمال افريقيا» (اي العالم العربي). فما الذي تبقّى اذاً من دول وقارات العالم, الذي يريد كهنة الناتو وجنرالاته ضمها اليهم او محاربتها.. سوى الصين وروسيا؟. خاصة ان ستولتنبرغ لم ي?كُر دول اميركا اللاتينية التي لا تبدو مُرشحة للالتحاق به, كونها (حتى الان) الحديقة الخلفية للولايات المتحدة. رغم النجاحات النسبية التي يُحرزها اليسار اللاتيني بين جولة انتخابات رئاسية او برلمانية واخرى.

ثمة أسئلة يتجاهلها المروّجون لـ«السِلمية والغاية الدفاعية» للناتو: ماذا عن افتتاح «مكتب» الناتو في اليابان؟, وماذا عن سلسلة التحالف ذات الطابع العسكري والامني التي تنسجها الولايات المتحدة (زعيمة ومُقررة الناتو)مع دول شرق وجنوب شرق آسيا؟. وكيف يُفسِرون «تأكيد» قادة حلف الناتو في بيان قمتهم الختامي, أن «تعميق الشراكة بين روسيا والصين يتعارَض مع مصالح الحِلف»؟. وماذا خصوصا عن مُشاركة الناتو (الذي مهمته الدفاع عن أعضائه فقط كما يقول ميثاقه) في حروب اميركا العدوانية, سواء في افغانستان والعراق وليبيا, أم خصوصا ف? يوغسلافيا وتمزيقها وتدمير الدولة الاكبر فيها وهي صربيا؟.

فـَ«على مَن يتلو ناطق الرئاسة التركية مزاميره؟».

kharroub@jpf.com.jo
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير