النسخة الكاملة

العجارمة يكتب: حان وقت العمل فالشاب الأردني اكتفى من الندوات الحوارية

الخميس-2023-07-03 12:03 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب - موسى العجارمة 

 لم أرَ حجم الزخم المبذول بالورشات والندوات والمؤتمرات والجلسات الحوارية الموجهة للشباب سوى في الأردن الذي يكاد أن يكون اليوم على أعتاب موسوعة غنيس بأكثر الدول في العالم التي نظمت ندوات شبابية، لكي يساورنا الأمل هنيهة، بعد أن يحذوا خلفنا أصوات شبابية شديدة المراس تجابه ظروفها العصيبة حتى في أحلك الظروف، معتقدة أن هناك جدوى حقيقية من تلك الورش التي تعلق مخرجاتها وتوصياتها في باحات الرفوف وبوتقة الأدراج المكتظة بملفات وقف خلفها الكثير من الأمل والطموح.

 
فالحكومات المتعاقبة ومؤسسات المجتمع المدني قدمت الكثير من الورشات والمؤتمرات والجلسات الحوارية تحت عنوان: الشباب محور المستقبل أو الشباب نبض الحياة وغيرها من الكلام الإنشائي الذي أصبح بهذه الصيغة؛ لكون تلك الشعارات كانت على الجدران فقط ولم تلامس الأرض بشيءٍ يذكر، ولم تكن صحيحة البتة أو صادقة المعايير، ليكن الشباب الأردني متواجداً فيها على هيئة ديكور وإكسسوارات.

 
لا يعلم منظمو تلك المؤتمرات بأن الشاب الأردني الذي يواجه اليوم الكثير من المعيقات والتحديات، لا يملك ثمن المواصلات، ليضطر به الأمر للوجوء إلى جميع الوسائل والطرق من أجل تأمين أجرة الحافلة أو السرفيس؛ لكي يلبي دعوتهم الموقرة وهو يرتدي أجمل ما عنده لكونه إنساناً مفعماً بالإبداع ويمتلك الكثير من الطموحات التي لو ترجمت واقعياً لكان حاضرنا ومستقبلنا أجمل بالكثير بما هو عليه اليوم.

 
وما يدعو للحسرة والأسى أن الشاب الأردني يلبي تلك الدعوات زاعماً بأنها فعاليات ذات جدوى حقيقية تسعى للولوج إلى حالة إصلاحية تغير الحال من المحال، إلا أنها ليست إلا عبارة عن بعثرة للوقت، لكونها توهم الشاب بأن التوصيات التي سيقومون بصياغتها سيتم تنفيذها بشكل إلزامي من قبل السلطة التنفيذية، إلا أن ماهية تلك الصياغات عبارة عن حبرٍ على ورق، ينتهي بها المطاف وتصبح ضحية البيروقراطية على هيئة مقترحات هشة تتصارع مع دوامة الأفكار البالية لتقع في أحضان النسيان.

 
لا نقلص من أهمية المشاركة الشبابية في جميع الوسائل المتاحة أمامهم لكونهم المحور الأول الذي يتوجب حقاً أن يلقى الاهتمام، ولكن معطيات الواقع فرضت عليهم ورشات وجلسات حوارية تم صياغتها على شكل عروض مسرحية يتصدر بطولتها مسؤولون يريدون كسب الشهرة والأضواء واستمرارية البقاء على حساب طاقات إبداعية بداخلها الكثير من الأحلام والطموحات التي باتت أن تموت في مهدها يوماً بعد يوم.

 
فما الضير من تلك الجلسات الحوارية؟! عندما تكون مخرجاتها بمثابة طموحات وهمية في ظل التحديات العالقة في ضراوة الطريق وبراثن الواسطة والمحسوبية والبطالة وانعدام العدالة الاجتماعية ومحدودية الفرصة، ولا ننسى ثمة مؤتمرات كانت على هيئة منصات لاستقطاب أصوات الشباب أمام صانعي القرار، لتكن نماذجها مجبولة بالجدوى والحرفية التي لا تحتمل المزاودة.

 
 
أتذكر قبل عام ونصف قمت بتغطية مؤتمر الحوار الوطني الأول الذي قام بتنظيمه مجلس الأعيان بحرفية ومسؤولية عالية حملت في طياتها لفيفاً شبابياً مرموقاً بداخله الكثير من الأفكار الإبداعية، التي تم صياغتها بروح شبابية على شكل توصيات يقتدى ويحتذى بها.

 
 
وحظي ذاك المؤتمر برعاية صاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبد الله ولي عهد المملكة الأردنية الهاشمية الذي يعد الداعم الحقيقي للشباب الأردني، الذي لو احتذت الحكومات المتعاقبة برسالته ورؤيته ومنهجيته لكان واقع الشباب بغير حال، ليتصدر المؤتمر حديث الإعلام والصحافة، نظراً لتنظيمه المرموق الذي أشرفت على تفاصيله رئيس لجنة الحوار الوطني رابحة الدباس مع حفظ الألقاب، بكل أمانة وموضوعية.

 
وعند افتتاح المؤتمر، أدلى رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز أمام ولي العهد وقت ذاك كلمة جوهرية، قائلاً فيها صراحة:

 "الشباب الأردني يشعر بانعدام العدالة في ظل ارتفاع البطالة وانتشار آفة المخدرات وعلى السلطة التنفيذية أن تأخذ ذلك بعين الاعتبار."، إلا أنه بكل أسف حتى هذه اللحظة ما تزال مخرجات الحوار الوطني الأول في غياهب أروقة الوزارات المعنية بتلك المخرجات.

 
 
"البطالة وقلة الفرص وانتشار المخدرات وأمراض الاكتئاب والإحباط وغياب العدالة الاجتماعية والعمل على تطبيقات توصيل الطعام" هو حال الشاب الأردني الذي يحتاج اليوم لجرعة أمل حقيقية بعيدة عن أبر البنج الموضعية التي تسرد تحت مسمى الورشة أو اللجنة وغيرها من المسميات التي تريد الحكومات المتعاقبة تمريرها بأشكال وألوان وسرديات يغرب وصفها ويعجب حالها.

 
 
وفي المقابل، لا نستطيع إلغاء المؤتمرات المرتبطة بالغاية النبيلة التي تسلط الضوء على الشباب ومعاناتهم في المجتمع وإيصال صوتهم بين كل زاوية ورقعة، ولكن لا بد من الإقرار الجلي والواضح بأن التبلد الحكومي والادعاءات بالإنجازات الوهمية حالت بهذه "المؤتمرات الشبابية”، إلى شماعة الادعاء بمؤازرة الشباب طالما الحكومات مصرة أن تتعامل مع هذا الملف على سجيتها وهي تعلم علم يقين أن هذه الأنشطة التي تسمى كل يوم بمسميات مختلفة ما هي إلا مجرد سويعات تمر مرور الكرام، توهم الشباب بأنهم على أعتاب الفرصة التي ينتظرونها، على غرار فكرة المراكز الشبابية المنتشرة في أنحاء المملكة كافة، التي تحمل أسماءً لا تلبي واقعاً ولا تصوغ رسالةً، وكأن احتياجات الشباب هي طاولة تنس وملعب كرة قدم وسلة، وندوة حوارية!.

 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير