جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم رمزي الغزوي
يقول واحد من طلبتنا الجامعيين المقبلين على التخرج بعد ايام إنه فرح من كل قلبه بنية الحكومة إلغاء ديوان الخدمة المدنية، فحسب وجهة نظره، فإن الرقم المهول الضخم لطالبي الوظيفة الذي يعلنه الديوان سنويا يشكل جدارا عاليا ومتراسا صعبا يحجب كل أمل لدى الشباب بالحصول على وظيفة حكومية. ويضيف الطالب الفرح بأن الإلغاء يحررنا، ويجعلنا لا ننتظر شيئاً لا يأتي ولن يأتي.
صعق الكثيرون في الأيام الماضية بإعلان رئيس الوزراء نية حكومته إلغاء الديوان، فآلاف الشباب ممن ينضوون على قوائم انتظار التوظيف سيجدون أنفسهم في مهب الريح، سيما أولئك الذين رموا طلبهم وناموا، ولم يكلفوا أنفسهم بعناء البحث عن عمل في القطاع الخاص، أو إقامة مشروع صغير.
بالطبع الحكومة تبرر قرارها المنتظر قريبا بسعيها إلى تحسين الأداء الحكومي، وتعزيز الشفافية، والكفاءة وتكافؤ الفرص، والحد من التضخم البيروقراطي في الجهاز الرسمي الحكومي. هذه أهداف سامية والعبرة تبقى في التطبيق للوصول إليها.
ولأجل الدقة الموضوعية فإن الديوان لن يُلغى بالمفهوم العادي، بل ستعاد هيكلته ويأخذ اسما جديدا حسب ما أفصحت عنه الحكومة «الخدمة والإدارة العامة». فالتوظيف لم يكن يشكل سوى 20 في المئة من مهامه، التي ستوجه جلها نحو الرقابة الإدارية وتحسين أداء القطاع العام.
الديوان في مهمته التوظيفية الكلاسيكية ملغى منذ أكثر من سنة. فالتنافس على الوظائف لم يعد يخضع للدور التراتبي حسب سنة التخرج وأقدمية التقدم لطلب الوظيفية، بل لامتحان تنافسي ومقابلة شخصية، يُختار من خلالهما الأنسب لشغل الوظيفة المطلوبة.
بعض المعلقين يرون أن القرار سيجيء كخطوة مطلوبة وبإلحاح من المؤسسات الدولية المانحة، التي ترى أن عمل الديوان بالطريقة الكلاسيكية يحرم الأردنيين من إنصاف التنافس الحر، ولا يؤدي إلا إلى تفاقم عدد موظفي القطاع العام على حساب الكفاءة والقدرات والمهارات، علما بأن عدد موظفي هذا القطاع أكثر من 300 ألف موظف ثلثهم بطالة مقنعة حسب تصريحات حكومية معروفة للجميع.
ستكون آلية التوظيف الجديدة عبر الإعلان المفتوح من كل مؤسسة حكومية بحاجة لوظيفة ما، على أن تقوم هي بنفسها بإجراء امتحان تنافسي بين المتقدمين وتقابلهم. ولا نعرف إن كان الإجراء المقترح سيسير بشفافية وعدالة وإنصاف ودون أن يغدو منفذا واسعا للوساطات والتنفيعات التي رزحنا تحت نيرها لعقود طويلة.
السؤال المفتوح كجرح كبير سيثار حول إمكانية أن يؤدي إلغاء الديوان إلى تخصيب الحالة الاقتصادية لدينا وزيادة الالتحاق بوظائف القطاع الخاص، وأن ينمو حجم ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة عند الشباب.