النسخة الكاملة
وهذه المناسبة الجليلة والاحتفال بها تتنوّع في طبيعتها وعاداتها بين مجتمع وآخر.
في بيروت، بيروت أخرى اسمها "القلب" ومن اوصافها: المآذن وهي تحف متألقة ومنارات هداية.
ومن أكثر علاماتها كنائس العاصمة الفارقة تميزا، تلك المعالم التاريخية التي عانقت أجراسها أصوات المؤذنين عند كل فجر.
فالمسجد العمري الكبير الذي يجاور كنيسة مار جاورجيوس بلغة الايمان
والصلاة ليل نهار، كلاهما "عاصمة" دينية في قلب العاصمة وتحفة تاريخية
تحاكي الوجدان، وكلاهما أيضا تاريخ مضيء.
صلاة العيد، نداء يتردد في انحاء الأرض، يرتفع به صوت المؤذن في خشوع، فيلبي النداء الملايين الذين تفرقهم اللغة واللون والحغرافيا.
ومهد المسيح يتزين للعيد، ويئن من الآلام.
بيت لحم، مهد المسيح ومدينة كل الاعياد، يفترض ان ترقص بهجة في عيد الفطر، لكنها تنزف بصمت وتئن من وقع الحصار:
لأجلك يا مدينة الصلاة اصلي
لأجلك يا بهية المساكن
يا زهرة المدائن
ليلة عيد الفطر السعيد، مساجد لبنان شهادة حية لبيوت الرحمن.
وفيروز قيثارة تحمل الدنيا نغما، ليلة العيد، صوت يخاطب عقولنا، ويرفع من سمو أرواحنا، يأخذنا عاليا طائرا ومحلقا في سماء الوطن:
عاسمك غنيت عاسمك رح غني
ركعت وصليت والسما تسمع مني
ومن مدينة القدس التي جرحها التاريخ وأعيد بناؤها 18 مرة:
وعلى أرضها طبع المسيح قدم
وعلى أرضها نزف المسيح ألم
الى
مدينة المدائن، وقبلة الايمان مكة المكرمة مع ليلة عيد الفطر، حيث عبق
التاريخ، نعود مع جارة القمر فيروز والملايين يصلون حول الكعبة:
غنيت مكة
وأهلها الصيدا
والعيد يملأ أضلعي عيدا
في عيد الفطر تطل علينا فيروز موشحة بهيبة التاريخ؟
وتمتد انحناءات صوتها الى شرق الارض وغربه فتجيء متوجة بروعة العيد.
عيد الفطر عيد لجميع المؤمنين، ومناسبة يسبقها ويصاحبها نشاط روحي للكبار
وبهجة للصغار. يسود فيه التراحم والمود، وتزول الأحقاد وتنمو المحبة.
منطقة الحرج ترتدي حلة العيد، فتنصب الاراجيح وتنشر البهجة، وبائع غزل البنات وصندوق الفرجة القديم:
شوف تفرج يا سلام
شوف أحوالك بالتمام
شوف الاميرة بنت السلطان
شوف عنتر ابو الفوارس
بالحديد غاطس
ولا يمل الأولاد من حرج العيد، في منطقة "قصقص" بجوار منزل شوشو، الا بعد
ان تنفذ دراهمهم، وصدق المثل "اللي راح عالحرش رجع بلا قرش".
هذه ملامح عيد الفطر، أعاده الله على العالم بخير وسلام وبحبوحة وطمأنينة(النشرة-د.فاروق الجمال).
