جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم لما جمال العبسه
الثورة التكنولوجية ..الطوفان الهائج الذي لا يستطيع احد الوقوف امامه، بل عليه مجاراته وإلا فسيكون كمن يعيش في جزيرة معزولة عن العالم، تطوراتها السريعة جدا غيرت الكثير من أساليب الحياة والثقافة حتى وصلت في بعض الاحيان الى تغير القيم والمعتقدات واللعب في التاريخ تزييفا لأغراض ومصالح محددة.
ليس من ينكر ان وجه الثورة التكنولوجية الجديد يخفي وراءه وجها مشوها مخيفا لما يحدثه هذا التطور من سلبيات لا نبالغ بوصفها «مرعبة»، وهذا ما حدث بالفعل بعد الانفتاح الكبير على الذكاء الاصطناعي الذي كان حديث الكثيرين من المعنيين في قطاع التكنولوجيا خاصة تلك الشركات العالمية صاحبة الانتشار الواسع على نطاق القارات.
والآن ومع بدء استخدام «الذكاء الاصطناعي» والذي بالطبع أسعد الكثيرين، تعالت اصوات من حذروا من الافراط في الثقة فيه والتعامل معه حتى قبل ان ينتشر بهذا الشكل الكبير.
ايجابياته مؤكدة، الا ان ضرره حتمي وبشكل يفوق التصور، فعلى سبيل المثال هذه التقنية الجديدة ستعمل على تغيير آليات عمل في الكثير من القطاعات كالتعليم والصناعة وحتى الإعلام والخدمات والطب وغيرها الكثير، ليخلق حضارة جديدة وهذه المرة سيكون الإنسان خارجها بشكل او بآخر.
هذه التقنية التي تعتمد على كم هائل جدا من المعلومات تم التحذير مسبقا حتى من تلك الشركات التي تمتلك تطبيقات خاصة بالذكاء الاصطناعي انها قد تصل لمرحلة عدم السيطرة على المعلومات، او التأكد من صحتها ودقة مصدرها، لنعود بذلك الى احد المربعات الاوائل التي شوهت فيه التكنولوجيا من خلال مواقع البحث تاريخ أمتنا العربية والاسلامية ورموزها الكبار بمعلومات مضللة، جعلت من جيل كامل يحقد على نفسه بسبب مجتمعه وتاريخه الضارب في القدم.
هذه التقنية والمبالغة في التعامل معها سيلغي الإنسان بشكل او بآخر، من خلال احلال الآلة محله عبر الكثير من الوظائف، فعلى سبيل المثال في مهنتنا «الإعلام والصحافة» قد يتم الاستعاضة بالآلة لكتابة مقال او موضوع استقصائي وما الى ذلك مستخدما معلومات تزود بها من هذا الطرف او ذلك لينتج لدينا صحفي او كاتب ليس بصحفي ولا كاتب وما ادراك ما تأثيره المجتمعي، ومن جانب اخر سيقوض فرص العمل والتعليم الجامعي في هذا المجال الذي يعد احد اهم اذرع الدول.
أما أبناؤنا وبناتنا، سيكون هناك اجيال أخرى ما يمكن ان يخطر ببالها البحث بمعناه الحقيقي والتحقيق في صدقية المعلومات من خلال القراءة لتختفي معه هذه المهمة الجليلة وتتضاءل الثقافة بمفهومها الواسع الى ان تندثر تماما، لتصبح الآلة متحكمة في معلوماتنا ووجهات نظرنا وارائنا وبذلك نسير قدما تكنولوجيا، انما نتراجع انسانيا بسرعة الصاروخ.
كما انه من المتوقع أن ينتج عنها معلومات تخالف العادات والتقاليد والتعاليم الدينية التي نشأنا عليها لتصبح فوضى مجتمعية، قاسية على الجميع.
أما الاحتيال فلهذا التطبيق النصيب الاكبر حيث من المتوقع ان يمارس هذا الامر ومهمة اكتشاف عملية الاحتيال تكون صعبة للغاية، عدا عن قدرته الهائلة على سرقة الاصوات على سبيل المثال ما حصل قبل ايام من سرقة اصوت غنائية من موروثنا العربي، فهل من المنطق ان نتفاخر بتطبيق قد يدمر هذا الارث باسم التكنولوجيا.
صحيح ان الذكاء الاصطناعي هو الحدود الجديدة للانسانية، الا انها تتطلب الكثير لحماية المجتمعات بالمعنى الواسع، فكان من الاجدى قبل اطلاقه على مصراعيه ان يتم تنظيمه وضبطه، وتمييز وتعريف محتواه بشكل واضح، ووضع معايير قانونية تحمي الخصوصية، والحد من قدرته على خرق الأمن الإلكتروني وما سيتبع ذلك من تأثير على الأمن الوطني في الدول بشكل أوسع.