النسخة الكاملة

التغطية الصحية الشاملة على طاولة الملك

الخميس-2023-05-17 11:19 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز- كتب:  محمد رسول الطراونة 

ليست المرة الاولى التي يطلب فيها جلالة الملك عبدالله الثاني  من المعنيين في القطاع الصحي تكثيف العمل لشمول اكبر شريحة من المواطنين في التأمين الصحي وصولا الى التغطية الصحية الشاملة فقد اشتملت كتب التكليف السامي لرؤوساء الحكومات في العقد الاخيرين وبشكل مباشر على توجيه ملكي لتحقيق التغطية الصحية الشاملة، والطلب الملكي الاخير كان الاسبوع الماضي عندما التقى جلالة الملك برأسي القطاع الصحي العام - وزير الصحة ومدير عام الخدمات الطبية الملكية - حيث أكد جلالته على أهمية التعاون والتنسيق بين وزارة الصحة والخدمات الطبية الملكية، لرفع جودة الخدمات المقدمة للمرضى وضرورة تخصيص الموارد المالية اللازمة لتطوير المرافق الصحية وتأهيل وتدريب الكوادر الطبية في القطاع . 
ثمة وعود سابقة قطعها رؤوساء حكومات سابقة جلها كان في العقد الاخير بأن حكوماتهم جادة في تحقيق التغطية الصحية الشاملة ، لا بل أن أحدهم كان قد أعلن في خطاب أمام حشد من الحضور أنه سيلتقي بهم بعد ثلاثة شهور لمناقشة تفاصيل هذا المشروع الوطني ، ومضت الاعوام دون تحقيق التغطيه الصحية الموعودة بالرغم من توفر الإرادة السياسية الكاملة نحو تحقيقها ، فجلالة الملك وجه جميع الحكومات المتاعقبة خلال العقد الاخير وباستمرار لإيجاد تأمين صحي شامل وعادل ومستدام . 
امل أن لا يضيق صدر صديقي وزير الصحة معالي ابو سيف أن أهمس في اذنه و أنا له ناصح أمين أن التغطية الصحية الشاملة التي يريدها سيد البلاد تعني أن يحصل جميع السكان على جميع الخدمات الصحية الضرورية والجيدة التي يحتاجونها من تعزيز الصحة إلى الوقاية والعلاج والتأهيل والرعاية التلطيفية دون تعرضهم لضائقة مالية جراء ذلك. 
ولا بأس من تذكير أخي دولة الرئيس الدكتور بشر الخصاونة  بما سمعناه في القاهرة عندما كان سفيرا للمملكة مشاركا في اجتماعات وزراء الصحة العرب حيث اجمع القوم المجتمعون على أن تحقيق التغطية الصحية الشاملة هو أحد الأهداف التي تبنّتها بلدان العالم - والاردن منها - عندما اعتمدت أهداف التنمية المستدامة في عام 2015 ، فتقدم البلدان نحو تحقيق هذا الهدف سيشكل تقدّماً في بلوغ الغايات الأخرى المتعلقة بالصحة والأهداف الأخرى للتنمية المستدامة ، مذكرا دولته ومعاليه ايضا، أن الاردن قد صادقت على الاتفاق العالمي الرامي إلى المضي قدمًا نحو تحقيق التغطية الصحية الشاملة بحلول عام 2030 ، ومذكرا معالي وزير الصحة أن الاردن ومن خلال وزير صحتها قد صادق على اعلان صلالة في عمان عام 2018 بخصوص التغطية الصحية الشاملة.
يا سادة يا كرام ، التغطية الصحية الشاملة لا تعني مجانية جميع التدخلات الصحية الممكنة بصرف النظر عن تكلفتها، فهذا ليس بإمكان أي بلد في العالم، و لا تتوقف التغطية الصحية الشاملة على مجرد تأمين حزمة الخدمات الصحية الاساسية ، ولكنها تتعلق أيضاً بتأمين التوسع التدريجي في تغطية الخدمات الصحية والحماية من المخاطر المالية مع توافر المزيد من الموارد . 
التحرك نحو تحقيق التغطية الصحية الشاملة يتطلب تعزيز النظام الصحي وتوفير هياكل تمويل متينة ، ومن شأن الاستثمار في الرعاية الصحية الأولية الجيدة التي تقوم على العدل والإنصاف والاستدامة أن تكون حجر الزاوية في تحقيق التغطية الصحية الشاملة وكذلك الاستثمار في القوى العاملة في الرعاية الصحية الأولية هو الطريقة الأكثر فعالية من حيث التكلفة والاسرع نحو التغطية الصحية الشاملة ، التي لا شك انها ممكنة التنفيذ .. لكن تنفيذها يتطلب التحول من  نظام صحي يتمحور حول الأمراض إلى خدمات صحية تتمحور حول المجتمع و الافراد.
دولة الرئيس ، معالي الوزير، ثمة منافع صحية واقتصادية وسياسية ستحققها الدولة عند تنفيذ التغطية الصحية الشاملة ، صحيا فهي لا شك ستحسن صحة السكان ، واقتصاديا ستشكل سياسة فعالة في الحد من الفقر وعدم المساواة ، اما سياسيا ، لعلّ افضل مثال على ً ذلك ، رئيس إندونيسيا جوكو ويدو الذي شكل إصراره على تحسين تغطية الرعاية الصحية سببا رئيسيا في تحسين وضعه السياسي من محافظ لاحدى المدن إلى رئيسٍ للحكومة.
معالي الوزير ، لتحقيق هذا الهدف ، لا بد من بناء نظام تأمين صحي إلزامي يقوم على مبدأ تقاسم المخاطر، فالتغطية الصحية الشاملة تقتضي توفير التمويل اللازم وتعزيز الموازنات المرصودة للصحة ، إضافة إلى تحسين جودة الخدمات المقدمة من القطاع الحكومي، وبناء شراكة حقيقية مع القطاعات الصحية الاخرى ، وتطوير نظام شراء الخدمات وفق معايير الجودة للخدمة المقدمة والسعر المناسب والعدالة في الوصول لهذه الخدمات للجميع.
خلاصة القول ، جلالة الملك وفرالارادة السياسية العليا ، وعلى الحكومة ان تحقق الهدف المنشود المفقود.