جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم محمد سلامة
بعد مرور(75)عاما على تأسيس دولة إسرائيل الثالثة، وفي قمة ذروتها ما زالت عالقة بين ملفين يهددان وجودها جذريا.. الملف الأول لجهة تعريف الدولة اليهودية والتناقضات البنوية في داخلها (صراع بين دولة تل أبيب الاشكناز ومملكة يهودا الاستيطانية القومية المتشددة دينيا)، والملف الثاني حل صراعها مع الفلسطينين داخل إسرائيل الثالثة نفسها، والضفة الغربية وغزة، يقابل هذه (75)عاما مرّت على نكبة فلسطين.. ويبقى السؤال هل تصمد أم أنها مرشحة للانهيار والتفكك؟!.
إسرائيل الثالثة أمام خطر وجودي يهددها من داخلها، فالتناقضات في تعريفها لذاتها وفي الجيل الثالث فيها الراغب بإعادة حكم الشريعة اليهودية وفق رؤاه يمثل بدايات شرخ حقيقي، بين المؤسسين الاشكناز وبين الوافدين «المستوطنين « الجدد الذين يسعون لترسيخ فكرة القومية الدينية المتشددة، ممثلة في رؤى المتطرف سموتريتيش زعيم حزب الصهيونية الدينية الذي طرح خطة الحسم وجوهرها القتل والتهجير للاغيار أو العيش معنا كعبيد، فيما دولة تل أبيب تسعى لترسيخ فكرة دولة يهودية ديمقراطية ليبرالية، والجدل والنقاشات افضت في حكومة نتنياهو السادس إلى محاولة حسم هذا الملف من خلال الاصلاحات القضائية واضعاف المحكمة العليا، وفعليا وزير العدل ياريف ليفين من الليكود وسمحا روتمان من عوتسما يهوديت يقودان ذلك اليوم.. ولا غرابة إذا قلنا أن الفشل في الوصول إلى حسم هذه المسألة الداخلية خلال سنوات فليلة قادمة سوف يؤدي إلى حرب أهلية «يهودية-- يهودية» والبدايات ماثلة امامنا اليوم في مظاهرات تل أبيب وضواحيها، ولهذه القصة جذور توراتية تخص إسرائيل الثالثة دون سواها في العالم.
الملف الثاني.. هو قشل إسرائيل الثالثة في حسم صراعها الأمني والسياسي والديمغرافي مع الفلسطينين، ففي داخلها وجوارها (58) مخيما فلسطينيا بالضفة الغربية وغزة، ووفق أرقام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين فإن عدد اللاجئين المسجلين لديها (6,4) مليون منهما (2) مليون في الضفة وغزة، ويعيش ما بين النهر والبحر زهاء سبعة ملايين فلسطيني مقابل (6,2) يهودي، وعدم الوصول إلى حل سياسي سواء بقيول دولة فلسطينية مجاورة لها في الضفة الغربية وغزة أو حل الدولة الواحدة فإن تجدد الاقتتال مرة تلو أخرى سوف يقود ذات مرة إلى هزيمتها، وإسرائيل الثالثة لا تتحمل انكسارا واحدا لأن ذلك يعني نهايتها بعكس الطرف الآخر.
إسرائيل الثالثة.. ورغم قوتها الأمنية والسياسية والاقتصادية والتقنية إلا أنها ما زالت عالقة في ذرة تفوقها، وما زالت أمام خطرين وجوديين لبقائها.. الأخطر داخلي وتحاول تجاوزه والآخر مع أصحاب الأرض، والتاريخ يروي لنا كيف أن ثلاثة وثلاثين قوما غزوا فلسطين واندحروا منها، وكيف تحررت الأرض، فالتشابه اليوم ينبئنا بأن إسرائيل الثالثة على موعد قريب وقريب جدا، مع الخراب الثالث لزوالها مرة واحدة وإلى الأبد.