جفرا نيوز - بقلم محمد داودية
قال الإمام علي كرّم الله وجهه: "اغزوهم قبل أن يغزوكم، فما غُزيَ قومٌ في عقر دارهم إلا ذلوا".
ووضع ليدل هارت مُنظّر الحرب الأبرز، نظريةَ "قتال الأشرار خارج الأسوار" في كتابه الشهير "فن الحرب".
المسألة ليست هل نقاتل عصابات المهربين-الإرهابيين خارج الأسوار أم نقاتلهم داخل الأسوار؟.
المسألة هي انهم لم يكفوا ولم يتوقفوا عن تسوّر أسوارنا، لم تُنهِهم ولم تُثنِهم ولم تردعهم عن حربهم على شعبنا، القدرات الضخمة التي تتمتع بها قواتنا المسلحة، وذلك لأنهم كانوا يجدون من يغررون بهم من الشباب السوري، يدفعون للشخص ألف دولار على كل تهريبة، وهو مبلغ مغرٍ يُهوّن المغامرة والمخاطرة.
المسألة ان قتال الإرهابيين الأشرار خارج الأسوار، سيكون على أراضي دولة عربية شقيقة هي سورية.
وزير الخارجية السوري السابق، السيد وليد المعلم، رد على تصريح الناطق الرسمي السابق الدكتور محمد المومني حين قال "إن الأردن سيدافع عن أمنه، حتى في العمق السوري".
قال المعلم: "لسنا في وارد أي مواجهة مع الأردن، لكن إذا دخلت قواته دون تنسيق مع دمشق سنعتبرها معادية".
حسناً حسناً، هذا بالضبط ما نريده. نحن لا نبحث عن عداء مجاني مع أحد، خاصة مع الجارة سورية، التي هي أكثر من يتفهم مقتضيات الأمن الأردني والقضاء على ميليشيات الإرهاب والتهريب والمخدرات. نحن لسنا في وارد أي خرق للسيادة السورية ولا بصدد أي مواجهة مع سورية الشقيقة، وبالطبع فإن التنسيق بين الشقيقين في مصلحة الشعبين، وهو مهم وضروري ومفيد.
الأشقاء السوريون يتفهمون الإكراهات الأمنية والمخاطر الحقيقية على حدودنا الشمالية من الميليشيات والعصابات الإجرامية، ويتفهمون أننا نتمنى لو أن الجيش السوري يتمكن من "كف شر" هذه الطُغم، لكان كفانا مؤونة القتال الدفاعي في الداخل السوري.
"الدفاع من العمق" هو أحد أبرز الاكراهات التي لا نتمناها.
لقد عَبَرت بنا قيادتُنا الحكيمة سنواتٍ عجاف من الحرب الظالمة على سورية، واضطرابات الإقليم وكوارثه، باستراتيجية عبقرية ناجحة، ولم تأخذنا إلى حروب عبثية ولا إلى حروب بالوكالة.
ولذلك فان شعبنا يدع الشؤون العسكرية للعسكر المحترفين، ويدع تقدير الحاجات الأمنية للقيادة المحنكة.
عندما احتدم الصراع بين الرئيس الراحل حافظ الاسد وتنظيم الإخوان المسلمين السوري، فرّ عدد من قيادات الإخوان إلى الأردن والعراق، فطالب الأسد الأب بتسليمهم، ولما رفضنا، جرّد علينا الحشود العسكرية، وأرسل مجموعة مسلحة لاغتيال مضر بدران رئيس الوزراء آنذاك، معلناً أنه "يدافع عن أمنه في العمق الأردني، وفي أي عمق ضروري لأمنه" (يقصد العراق).
مصلحتنا مشتركة في استقرار الشقيقة سورية وفي القضاء على عصابات انتاج وتهريب المخدرات، التي أصبح القضاء على شرورها شرطاً واستحقاقاً دولياً.