جفرا نيوز ـ عوني ذنيبات
قد لا نكون مبالغين اذا قلنا بأن الوضع في السودان يؤرق العالم بأسره حيث بات العالم أجمع ينظر إلى ما يحدث هناك بعين الحيطة والحذر ، وهو محق في ذلك حيث أن تسارع الأحداث بهذا الشكل كانت مختلفة عن أي حرب أخرى ، حتى أنه ولأول مرة لا يتم أخذ الحذر تجاه الموظفين الدوليين فقد لقي ثلاث من موظفي برنامج الأغذية العالمي مصرعهم في السودان
وقد لفتت الامريكان نيوز إلى أنه في شوارع الخرطوم الحرب على السلطه بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ، لكن في الواقع يشارك العديد من اللاعبين حيث نسج الجانبان شبكة من الحلفاء السياسيين والاقتصاديين والدبلوماسيين .
ما يجري في السودان الآن هو صراع التعطش للسلطة بين فصيلين مسلحين هما الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ويدفع الشعب السوداني الثمن.
وعن الأسباب الكامنة وراء المواجهة العسكرية في السودان يوضح المستشار بالأكاديمية العليا للدراسات الاستراتيجية والأمنية معتصم عبدالقادر الحسن أن ما اوصل السودان إلى هذا الحد من الاحتدام هو أن قوات الدعم السريع صارت تحرك قواتها وفقا لهواها وبعيدا عن القيادة العامة للجيش مما تسبب في تضارب الموقف العسكري وأصبح معه السودان وكأن فيه جيشين اثنين بدلا من جيش واحد.
وبالمقابل فإن موسى خدام محمد مستشار قوات الدعم السريع يحمل البرهان مسؤولية تفجر الأوضاع بسبب طموح البرهان ومحاولته السيطرة على حكم البلاد ويقول بأن قوات الدعم السريع هي قوات سودانيه تم إنشاؤها بقرار من رئيس الجمهوريه ولها مهام واختصاصات وصلاحيات خاصه.
وتتابع العواصم الغربيه الأحداث هناك بكثير من القلق وهو قلق له بواعثه القوية بداية من الموقع الحيوي والاستراتيجي للسودان والتوجس الغربي من التمدد الروسي فيه والخشية من موجة هجره جديده قد تصل هذه المره إلى أوروبا.
وقد نقلت صحيفة فايننشال تايمز البريطانيه عن خبراء غربيين أن تصاعد الصراع في السودان ستكون له تداعيات اقليميه واسعه اضافه الى القلق من تأثر الحركه في البحر الأحمر الذي يعد أحد الشرايين المهمه للتجارة العالميه.
وتقول صحيفة الغارديان البريطانيه انه لو استمرت الحرب فستكون لها تداعيات على العلاقه مع دول الجوار خصوصا مع إثيوبيا التي دخلت في صراعات حدوديه مع السودان كثيرا.
والمقلق كذلك أن السودان يستضيف حوالي مليون لاجئ قادمين من دول الجوار ، وفي احصائيات للأمم المتحدة فإن هناك حوالي سبعة ملايين سوداني تعرضوا للتهجير القسري بسبب الصراعات السابقه وقد سبق لحميدتي قائد قوات الدعم السريع أن حذر في عام ٢٠٢١ من أن بلاده قد تصبح مصدرا لتدفق المهاجرين.
وتخشى الدول الغربيه من التحركات الروسيه في السودان حيث أن الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على شركة ميروي التابعه لمجموعة فاغنر من استغلال ثروات السودان من الذهب واتهمت روسيا بإجراء مباحثات مع السودان لإقامة قاعده عسكريه روسيه في البحر الأحمر.
ويتوقع مركز "مجموعة المخاطر" أنه كلما طال الصراع المسلح زاد احتمال أن ينتقل التأثير إلى دول الجوار وزادت مخاطر تدخل أطراف قريبة من الحدود السودانيه في هذا الصراع.
ويقول أحد الخبراء الغربيين والمدعو اليكس دي وال صاحب كتاب "ديمقراطية السودان الناقصه" أن ما يحدث قد يكون ممهدا لحرب اهليه ويضيف بأن الطرفين لديهما القدرة على مواصلة القتال لأنهما مسلحان بشكل جيد وكل طرف يخشى الآخر إضافة إلى غياب أي جهة سودانيه موثوقه يمكن أن تقوم بدور الوساطه
لا يمكننا معرفة من سينتصر في هذا الصراع الدموي هل هو حميدتي وميليشياته ام البرهان ووحدات الجيش التي تدعمه ، كما لا يمكن الجزم بالمدى الزمني
ولا الطبيعه التي سيستقر عليها هذا الصراع ، لكن ربما يكون الشئ الوحيد المؤكد هو أن الشعب السوداني وحده هو من يدفع الفاتورة الباهضة لهذا الصراع على السلطه بين الطرفين ، أما التحول الديمقراطي فيبدو انه اصبح في حكم المستحيل.