جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم محمد داودية
كثرت الأحاديث والتنبؤات المختلطة بتحليلات وتقديرات ورغبات، عن أفول الدور الأميركي وتراجعه وعن انسحاب أميركا من المنطقة، ونشوء أقطاب وقوى ومحاور سياسية اقتصادية جديدة، بقيادة الصين وعضوية روسيا وإيران والهند والسعودية، مقابل المحور الأميركي الأوروبي القائم.
يستند المحللون إلى قيام الرئيس الروسي بوتين بشن حربه على أوكرانيا والغرب عموما، ويأخذون التقارب الصيني السعودي، وثماره الاتفاق السعودي الإيراني،
وموقف السعودية في دول أوبيك+ بتقليص انتاج النفط، دالة على النأي السعودي عن أميركا.
إن تحققت هذه الرواية، فمعناها بالنسبة لنا، أن ضرراً كبيراً سوف يلحق ببلادنا التي تتلقى مساعدات أميركية هي الأضخم في العالم، تصل إلى نحو 1650 مليون دولار هذا العام.
كما أن نشوء الحلف والمحور الجديد، يعني تمدد النفوذ الإيراني وسيطرته المطلقة على الإقليم.
روسيا أبرز ضلع في المحور المتخيل، هي اليوم في أسوأ أحوالها الاقتصادية والسياسية، فقد تسبب إنفاقها على حملتها العسكرية في أوكرانيا، والعقوبات على صادراتها من النفط والغاز، إلى عجز ميزانيتها بمقدار 29 مليار دولار في الربع الأول من عام 2023 (أي نحو 116 مليار دولار لسنة 2023)، وهو انخفاض كبير عن الفائض البالغ 14 مليار دولار في الربع الأول من عام 2022.
يضاف الى ذلك ان وزارة المالية كشفت أن الدخل انخفض بنسبة 20.8% خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مع انخفاض 45% في إيرادات الطاقة !!.
والصين أكثر حكمة من أن تخوض حرباً، خاصة مع أميركا، فتايوان وهونغ كونغ الصينيتان، خارج فلكها وسيادتها، وكل ما تفعله هو أنها تُسيّر طرادات وطائرات استعراضية في بحر الصين.
اعتمدت الصين مسار مد النفوذ الاقتصادي ومطاولة أميركا في الحرب التجارية.
والحكمة الصينية تقوم على قاعدة أن النفوذ السياسي يستتبع النفوذ الاقتصادي ويحقق الهيمنة المنشودة.
حكمة الصين وانفتاحها ومرونتها، التي قادتها إلى التخفيف من العقيدة الماركسية اللينينية، والتي مكّنتها من جمع اضداد ومتحاربين ما كان يمكن جمعهما: إيران والسعودية، ستؤدي إلى مسار «دبلوماسية كرة الطاولة» التي دفعت الرئيس الاميركي نيكسون إلى زيارة بكين عام 1972.