جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم فايز الفايز
ما هو الرابط بين الهندوس واليهود اليوم؟ قد لا يدرك البعض رواية التاريخ الذي لعبته إنجلترا يوم كانت الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، حيث استعمرت بريطانيا شبه الجزيرة الهندية بعد أفول نجم القادة المسلمين آنذاك، وهم الذين حكموا الهند بقيادة السلطان محمود العزنوي لأكثر من ثمانية قرون، بدءا من العام 1001م.حتى سنة 1858م، وأسس على أثرها دولة إسلامية قوية، تعاقب على حكمها أباطرة وسلاطين لأزمنة طويلة، وأهمهم السلطان الحازم القوي جلال الدين أكبر، الذي شهدت الهند في عصره نهضة كبيرة.
وبسبب الضعف والانحلال الذي اعترى السلاطين المتأخرين واعتكافهم على مصالحهم الشخصية بدلا من مصلحة الدولة، فقد استغل الإنجليز الذين كانوا يجوبون بلاد الشرق، فانقضوا على الدولة الإسلامية من باب شركة الهند الشرقية البريطانية كذريعة ليتدخلوا سياسياً للسيطرة على كافة بلاد الهند، حتى أصبحوا هم من يديرون شؤون البلاد هناك بداية القرن التاسع عشر، وأصبح السلطان «بهادر شاه» تحت حكم المندوب السامي البريطاني وجردوه من صلاحيته، وأخذوا منه القلعة الحمراء لتكون مقراً لقيادة الجيش، واحتلوا العاصمة دلهي، ونفوّا السلطان شاه ال? بورما حتى توفي، وهكذا أُسدل الستار على حكم المسلمين للهند بعد ثمانية قرون لم يفرقوا بين أحد من المواطنين.
في ذلك الزمن كانت الهندوسية والإسلام تشكلان ما يقارب نسبة 80% لمعتنقي الإسلام والعقيدة الهندوسية في شبه الجزيرة الهندية، وباقي السكان يعتنقون أديانا أخرى كالبوذية والسيخية والمسيحية واليانية، ومع ذلك شجعت الإمبراطورية الاستعمارية البريطانية إعتلاء الهندوسية، والتي نراها اليوم تقتل وتحرق وتُهجر بلدات وقرى للمسلمين، بدعم من رئيسهم الجديد والذي يدير ظهره للعالم وتشارك السلطات بحماية الهندوس هناك.
نعود من شبه القارة الهندية الى فلسطين التي تم تغيير عملتها عام 1948 فقط وكانت تدعى ولا تزال عبر القرون بفلسطين، وهي اليوم قد باتت غابة للطرائد الوطنية يستبيحها جيش الاحتلال الصهيوني، بعدما قررت بريطانيا قبل أفول نجمها منح فلسطين وطناً قومياً لليهود، ورغم ما قدمته السلطات البريطانية لهم من دعم أمنّي وتسهيلات للهجرة السريعة منذ عام 1917 حتى جلائها، فإن عصابات اليهود من الهاغانا وشتيرن والكتيبة اليهودية في الجيش البريطاني قد أمعنت بقتل وتفجير مقرات القيادة البريطانية في فلسطين.
وما أن جاء وقت رحيل الإنجليز في الرابع من أيار1948 حتى خرجت الدولة الصهيونية المارقة كالمارد، بعد أن ترك الجيش الإنجليزي لهم العدة والعتاد، ولتمعن العصابات المدربة والجيش الذي خرج فجأة بمدرعاته، لتدمير كل القرى عبر الساحل الفلسطيني والداخل الأوسط وتقتل الآهالي المسالمين بوحشية، يندم عليها اليوم بعضاً من القادة الصغار آنذاك بعد فوات الآوان.
اليهود اليوم هم أقل المجموعات الدينية في العالم، تعدادهم لا يتجاوز 15 مليون فرد في جميع أنحاء العالم، يوجد منهم في إسرائيل وحدها 41%، بتعداد يبلغ 6,150,000 نسمة، فيما يعيش 41% من العدد الإجمالي للسكان في الولايات المتحدة بذات العدد، أي 6,150,000 فرداً، فيما ينتشر 18% بتعداد 2,700,000 نسمة، في مختلف قارات العالم، ومع هذا يمتلكون من القوة والجبروت والطغيان والتكنولوجيا فائقة التطور ما يعطيهم «حق القوة» لاغتصاب أراضي الفلسطينيين ونزع ملكياتهم ومصادرتها وبناء المستعمرات، وزد على ذلك استباحة الدم الفلسطيني من أ?فال ونساء ورجال دون أي قانون يردعهم ولا قوة على الأرض تمنعهم.
لهذا علينا أن نتذكر من زرع الفتن والدسائس لتقطيع أوصال العالم العربي الذي كان يعيش مع جميع الديانات دون أي نزاع ولا تفرقة، وحتى يفهم العالم وخصوصا العالم العربي الضائع بين أقدام العالم الحرّ، أن هناك على أرض فلسطين وحدها سبعة ملايين فلسطيني يعيشون في الضفة تحت حصار وقهر منذ 79 سنة، فيما المجتمع الدولي مندهش ولا يملك إلا التنديد اللفظي والهرف والبيانات المنسية.
الفلسطينيون لا زالوا مستباحين، وتهدم بيوتهم، تماما كما يفعل بالمسلمين في الهند والإيغور في الصين وفي مينمار، وهم فقط الذين تطاردهم العقوبات الفورية، حتى تشتت عالمنا العربي بناء على نظريات آل بوش وديك تشيني وأوباما، بعدما أخذوا الراية عن الإنجليز، فلا تبكوا على الفلسطينيين والمسجد الأقصى، بل إبكوا على ضعفكم وتخاذلكم أمام العالم.