فيصل تايه
ونحن نتابع بعض وسائل الإعلام ، والتي تحاول انتقاء عناوينها ومحتواها عبثاً دون العودة إلى المصدر ، وانا اجزم أن مقاطعتها أصبحت أول طريق السلام النفسي ، حيث لا يمكن ان نكون بمنأى عما نشاهده على بعض القنوات الفضائية المحلية ، خاصة في تناولها للكثير من القضايا التي تستهدف بشكل متعمد مؤسسات الدولة الرسمية ، من خلال ما تبثه من تقارير تلفزيونية "مفبركة" وغير مهنية ، فمن الملاحظ ان تلك القنوات تحاول وبمختلف الوسائل كسب اكبر عدد ممكن من المشاهدات ، ولو كان ذلك على حساب المبادئ والقيم الوطنية ، فالبعض منهم "وكما يدعي" أراد لنفسه تخطي الحواجز ليكون المصدر الموثوق للخبر ، وللاسف فانه بذلك يُخرج "قناته المحترمة" عن مسارها لتصبح بوقاً ومصيدة للمسؤول .
لا ادري ما الهدف من إثارة الرأي العام عبر بعض التقارير التي تزرع الوساويس في نفوس فئات واسعة من أفراد المجتمع في طريقة إعمال العقل ، وفي محاولات متعمدة للإساءة ، من خلال تقارير ميدانية كيدية "لا تنتهي" ، من استهداف العواطف للتأثير على العقول المشاهدة ، فالكثير منها تحريضي وغير منطقي وبعيد عن الحقيقة ، وغير عادل بحق مؤسسات وطنية حكومية ، لذلك فمن العيب التلفيق والادعاء بما لم يقع ، بعيدا عن المهنية في نقل الخبر ، فمن سعى إلى التحريض بحق مؤسساتنا الرسمية فانه يقاضي وطنه وأهله ، وليس جديراً بان يعد تقريراً عبر قناة "محترمة" ويطلق التأويلات والادعاءات لأنه بذلك يثبت ضعفه وقلة حيلته ، وانا اعتبر ذلك استجابة لرغبات معروفه تحكمها اجندات مريضة ، بعيدا على الحفاظ على أصالة المجتمع وثقافته وأخلاقياته.
بالمقابل فان بعض مراسلي القنوات الفضائية الذين حققوا نجاحاً ملموساً في صناعة التقارير والتحقيقات الميدانية ، ونقلوا الحقائق بمهنية عالية ، قد حصلوا على الشهرة والمكانة الشعبية ، وينتظرهم الكثير من المتلقين ليشاهدوا تقاريرهم وتحقيقاتهم ، التي تنقل الحقيقة وتلامس معاناة الناس واحتياجاتهم ، بالمقابل ايضاً ، فان البعض ممن يحاولون تقليد هؤلاء تقليدا اعمى ، فمن المؤسف انهم اصيبوا بالغرور من سوءه اعمالهم ، وابتعدوا عن المهنية ، حيث يقومون باعداد تقارير وتحقيقات لا تمت بصلة لاخلاقيات الاعلامي والصحفي الناجح ، تقارير تفتقر الى العناصر الاساسية والمعايير الموحدة في اعداد التقارير والتحقيقات كما حددتها المهنة في ادبياتها .
ان التقرير الميداني "ايها المراسل الميداني المحترم" يحتاج الى عناصر مهمة يجب الالتزام بها ، اهمها اجراء البحث العلمي اللازم لضمان الالمام بشتى جوانب الموضوع ، ووجهات النظر المختلفة تجاهه ، واجراء الاتصال مع كافة المعنيين بموضوع التقرير او التحقيق ، وعدم اختصاره على طرف واحد قد يكون طرفا مغرضا ، لذلك فمن الضروة بمكان الابتعاد عن نقل صور تعبر عن مزاج شخصي ، وتشوش الحقيقة ، فمثلا ، اذا ما اردنا التحقيق حول المستوى المتدني للخدمات في اي قطاع حكومي أو اية مؤسسة خدمية كانت ، فإن ادارة ذلك القطاع او تلك المؤسسة او مديرها هو احد "المعنيين" بالأمر ، ويجب التواصل معه ومقابلته لاعطائه فرصة لتوضيح رأيه ، ومن ثم الاتصال بأحد "المنتقدين" لأداء ذلك القطاع أوتلك المؤسسة ، أو أحد "المنتفعين" ، ويمكن ايضاً الاتصال بجهة مستقلة محايدة "ترصد وتتابع" مثلاً ، وممكن ايضا التواصل مع "النائب البرلماني" الذي يمثل المنطقة الذي يقع فيها ذلك القطاع او تلك المؤسسة ومعرفة رأيه ، بالاضافة الى عناصر اخرى ومنها المكانية والزمانية ، والتجهيزات اللازمة للتصوير ، وهنا تكتمل عناصر التقرير او التحقيق ، وتكون له مصداقية تثير الرأي العام وتوصل الصورة الحقيقية الى الجهات المسؤولة عن هذا القطاع أو المؤسسة من المستويات العليا مثل الوزارة المعنية او الجهة ذات العلاقة .
لكن ، وللاسف فما يقوم به بعض الاعلاميين والمرسلين الميدانيين بإعداد تقارير وتحقيقات مجتزأة من اجل تغطية مساحة في قناته ، ومن اجل الاثارة والظهور وتأليب الرأي العام عمل غير مهني ، ومن هنا، فانني ادعو هذه الفئة الى الالتزام بالمعايير المهنية التي حددتها الادبيات الصحفية والاعلامية وعدم الخروج عنها ، والاساءة الى المهنة ، وتشويه صورتها وخلق حالة من السلبية والإحباط لدى المجتمع ، وعدم استخدام "المهنة" لغرض التسقيط او تحقيق اغراض اخرى ، او تنفيذ اجندات لتوظيفها لتحقيق اهداف خاصة ، وان الالتزام المهني سوف يحفظ الاعلامي والصحفي من اية مساءلة قدر الامكان .
والله ولي التوفيق