جفرا نيوز -
جفرا نيوز :كتب سالم قبيلات
يصادف اليوم الخامس عشر من آذار، ذكرى انطلاقة الثورة المجرية عام 1848، حيث تعد الثورة المجرية واحدة من أهم الثورات القومية التي اندلعت في أوروبا في سبيل الاستقلال القومي. وتكريما لقادة الثورة والمشاركين فيها، ممن يحظون بشهرة ومكانة مرموقة في التاريخ المجري، تم اعتماد يوم اندلاع الثورة 15 آذار عيدا وطنيا وعطلة رسمية في هنغاريا.
تعود بداية تسلسل الأحداث التاريخية لهذا الحدث الكبير إلى عام 1526حينما وقع جزءا من الدولة المجرية تحت سيطرة الدولة العثمانية. وقد أدى انتصار العثمانيين إلى إحكام سيطرتهم على المجر واحتلال عاصمتها بودابست والقضاء على ما كان يعرف باسم مملكة المجر. ونتيجة لإتباعها ألقصري للدولة العثمانية، دخلت البلاد في مرحلة صعبة وقاسية، ساد خلالها التعسف والظلم والدمار، يعتبرها المجريون مرحلة شؤم ونقطة سوداء في تاريخهم. وايضا نتيجة لتلك السيطرة ورثت النمسا تحت حكم آل هابسبورغ تاج المجر في الجزء المتبقي من البلاد الذي لم يقع بيد العثمانيين.
وقد استمرت السيطرة العثمانية على المجر ما يزيد على 150 عاما، حيث تم طردهم في عام 1699، مما ساعد على دخول النمسا والمجر في اتحاد تحت حكم أسرة هابسبورغ النمساوية (Habsburg Empire)، ولكن من جديد وجد المجريون أنفسهم تحت هيمنت الأسرة النمساوية وفقدان للسيادة، ما أثار استياء القوميين المجريين، حيث أدى ذلك إلى اندلاع ثورة عام 1848، التي بفضلها اقترب المجريون من استعادة الاستقلال الكامل.
ولكن بسبب التحالفات الدولية للإمبراطورية النمساوية في حينها، تم أعاقة انتصار الثورة المجرية، إلا أنها حققت نجاحا كبيرا، تمثل في إلزام الإمبراطورية النمساوية بإدخال العديد من الإصلاحات الدستورية لحل مشكلات تمس بحقوق القومية المجرية، والتي أدت إلى إبرام اتفاق التسوية النمساوية المجرية في عام 1867، وأسست لقيام الملكية المزدوجة بين النمسا والمجر.
بموجب تلك التسوية تم إعادة الاعتبار لسيادة مملكة المجر، كدولة منفصلة عن الإمبراطورية النمساوية، ولم تعد خاضعة لها بشكل مباشر، حيث أعيد تنظيم أراضي آل هابسبورغ باعتبارها اتحادا حرا بين الإمبراطورية النمساوية ومملكة المجر، عرفت باسم الإمبراطورية النمساوية المجرية، وقد كانت تعد واحدة من القوى العظمى في العالم حتى نهاية الحرب العالمية الأولى.
وبفضل تلك التضحيات الجسام للمجريين، فان دولة المجر اليوم هي دولة كاملة السيادة وعضوا أصيلا في الاتحاد الأوربي ومنظمة التعاون والتنمية ومنظمة التجارة العالمية، وجزء من منطقة الشنغن، فلا عجب إن يتابع أصدقاء الشعب المجري في العالم باهتمام كبير، التجربة الناجحة لتقدم هنغاريا سياسيا واقتصاديا وعلميا، حيث تعتبر تجربتها خلاصة مشوار طويل على طريق نجاح التنمية وبناء الاقتصاد المتين وإرساء العلاقات السياسية المتوازنة والمتكافئة مع كافة الدول، وتحقيق النهضة العلمية والحضارية التي باتت تشهدها البلاد في مختلف المجالات.