يقول الشاعر المصري هشام الجخ في قصيدته (التأشيرة) :
أنا العربيُّ لا أخجلْ
وُلِدتُ بتونسَ الخضراءِ من أصلٍ عُمَانيٍّ
وعُمري زادَ عن ألفٍ وأمي لم تزلْ تحبَلْ
أنا العربيُّ، في (بغدادَ) لي نخلٌ، وفي (السودانِ) شرياني
أنا مِصريُّ (موريتانيا) و(جيبوتي) و(عَمَّانِ)
بلاد العرب اوطانى
و كل العرب اخوانى
وقد عُلِّمتُ في صغري .. بأن عروبتي شرفي
وناصيتي وعنواني .. وكنا في مدارسنا نردد بعضَ الـحانِ
" بـلاد العُرب أوطـاني .. وكـل الـعرب أخـواني.
يظمأ العربي للحظة انتصار أو نجاح أمام هذا العالم الكبير و الذي يضم أعراقا واجناسا وألوانا و لغات متعددة ، ينتظر لحظة الصافرة( مهما كان نوعها) عندما تحسم الفوز أمام العالم في أي مجال و على أي مستوى ، يتملكه شعور النشوة بأنه يستحق أن يكون في المقدمة دائما ، لأن حضارته منذ القدم باقية و مستمرة و ستبقى ، فيسترجع التاريخ و يسرح في تاريخه ؛ ليحدث الخوارزمي عن إنجازاته لهذا العالم في كتب الرياضيات و الجبر ، و يتحدث لأبي بكر الرازي عن كتب الطب ، و يذهب مع الكندي إلى عالم الفلسفة و الموسيقى و الكيمياء ، و غيرهم من القدامى الذين أسسوا و صنعوا العلوم لهذا العالم .
و يتذكر العربي ، العالم العربي أحمد زويل الذي حصل على جائزة نوبل للكيمياء ، و يسرح العربي مع شعراء الدولة العباسية و الدولة الأموية و شعراء الجاهلية ، و مع شعراء العصر الحديث الذين سردوا الواقع السياسي و المجتمعي و وثقوا الإتجاهات الفكرية و الثقافية و السياسية في الحقب التاريخية العربية ، و يتذكر العربي الروائيين و الكتاب العرب الذين صنعوا ثورة فكرية و ثقافية في البلاد .
و يفتخر العربي بتاريخه ، عندما تكون العراق (بلاد الرافدين) تاريخيا هي الدولة الأولى في علم الصيدلة و الدواء ، إذ أنشأت فيها أول صيدلية في التاريخ في عهد الخليفة هارون الرشيد ، و كانت العراق أيضا الأولى في زراعة الحبوب ، و قد تعاقب عليها حضارات عديدة منها : ( الآشورية و البابلية و السومرية ) وغيرها .
و سوريا تاريخيا هي أول دولة خرجت منها المقطوعات الموسيقية قبل آلاف السنين ، و تعاقب عليها حضارات عديدة ، و تعتبر العاصمة (دمشق) أقدم عاصمة في التاريخ ، و هي عاصمة الدولة الأموية .
و مصر تاريخيا هي أول دولة في صناعة مواد المكياج ، و قد تعاقب عليها حضارات عديدة و أهمها حضارة الفراعنة الذين صنعوا أعجوبة من عجائب الدنيا (الأهرامات ) ، و هم الذين اكتشفوا مادة تحنيط جثث الموتى و استخدموها في تحنيط ملوكهم وقادتهم .
و تعاقب على لبنان العديد من الحضارات كالعثمانيين و البابليين و الحضارة الإسلامية (العباسيين و الأمويين و المماليك ) و قد انتشرت فيها الثقافة و الفلسفة بشكل كبير في عهد الدولة الإسلامية ، و تعتبر من أوائل الدول العربية التي تثقفت و نشرت الثقافة ، و هي من الدول التي تعتبر بوابة الشرق للتجارة بسبب موقعها على السواحل .
الأردن(ملتقى العرب) تاريخيا كانت مستقرا للأمم و الحضارات و حلقة وصل بين الدول ، و هي من أكثر الدول في العالم قد تعاقب عليها الحضارات و الأمم و الممالك ، و في عام (2018) أعلن الباحثون عن العثور على بقايا متفحمة لخبز تم إعداده قبل 14500 عام في موقع شمال شرق الأردن، و بعد البحث تبين أنه الأقدم في العالم و قبل نشأة الزراعة بآلاف السنين بتلك المنطقة، و يبحث العلماء الآن عن العلاقة التي تربط بين انتاج الخبز و اكتشاف الزراعة لاحقا . و فلسطين مسرى الرسول محمد صل الله عليه وسلم و أولى القبلتين و فيها مسجد قبة الصخرة المشرفة و كنيسة القيامة ، و هي المكان الذي ولد فيه سيدنا عيسى عليه السلام .
يحق للعربي أن يفتخر بالسعودية التي يرتادها المسلمون من جميع أنحاء العالم لأن فيها بيت الله الحرام و الكعبة المشرفة في مكة المكرمة و فيها مدينة الرسول محمد صل الله عليه وسلم .
أما الإمارات فتعود حضارتها إلى سبعة آلاف عام من العصور القديمة إلى العصور البرونزية التي قسمت إلى حقب تاريخية و كل حقبة فيها الكثير عن حضارة الإمارات العريقة ، و تعتبر الإمارات الآن هي الوجهة العالمية للسياحة و الحضارة .
أما قطر و حسب ما ذكرت الإغريقية فإن أول من سكن قطر هي القبائل الكنعانية والتي اشتهرت بفنون الملاحة والتجارة البحرية ، فكانت من أوائل الدول التي اشتهرت بالتجارة البحرية ، و في شهر نوفمبر من عام 2022 أقيم فيها مونديال كأس العالم ، و حسب آراء العالم الغربي و العربي فإن نسخة كأس العالم في قطر كانت هي الأفضل منذ التاريخ .
و يحق للعربي أيضا أن يفتخر باليمن السعيد فتاريخه مليء بالأحداث ، إذ تعاقب عليه مملكة سبأ و مملكة حضرموت و مملكة حمير ، و غيرها من الممالك و الحضارات ، و اهتم المستشرقون و الباحثون الغرب و العرب باليمن السعيد و ألفوا مؤلفات عن تاريخ اليمن من حقبة ما قبل الإسلام إلى اليوم .
و عن حضارة عمان و الكويت و البحرين فكان فيها حضارة دلمون و هي من أهم الحضارات في العالم و التي كانت تشتهر بالزراعة و الصناعة و التجارة .
أما المغرب العربي فقد تعاقب عليه حضارات عديدة منذ التاريخ ومنذ خمسة آلاف عام ، مثل الحضارة الفينيقية و العربية و الأندلسية و الأمازيغية ، و هو مزيج ثقافي له طابع خاص من هذه الحضارات.
تعتبر حضارة السودان من أقدم الحضارات في العالم ، إذ تعاقب عليها حضارات و ممالك (المملكة الكوشية ، المملكة النوبية ، المملكة الإسلامية ، الخلافة العثمانية و غيرها ) ، تميزت السودان قديما بأنها من أوائل الدول في صناعة النحاس و الحديد .
أما الصومال ، فكانت من أقوى الدول في القرن الخامس عشر و كان جيشها من أفضل الجيوش في العالم ، و كانت مركزا تجاريا هاما يربط بين دول العالم ، و تعاقب عليها حضارات وممالك كثيرة ك (مملكة بنط) ، و كانت تتميز بالخيرات الكثيرة ، فيذكر التاريخ بأنها كانت تصدر الخيرات إلى دول عربية عديدة ، ودول موريتانيا و جزر القمر و جيبوتي كلها دول عربية تعاقب عليها حضارات عديدة و كانت مركزا هاما لدول العالم القديم .
أما عن اللغة العربية فكان أول من تكلمها من يقطنون جنوب الشام و شمال شرق شبه الجزيرة العربية في العام( 1000)قبل الميلاد ، و هي لغة القرآن الكريم و لغة العالم العربي و هي من أهم لغات العالم ، قال المؤرخ الفرنسي إرنست رينان في كتابه تاريخ اللغات السامية : تلك اللغة التي فاقت أخواتها بكَثرة مفرداتها، ورقَّة معانيها، وحسن نظامها، ظهرت كاملة من غير تدرُّج.
إذن نحن من أسسنا و طورنا و عمرنا و نشرنا الثقافة في البلاد ، و نحن مهد الحضارات ، و نحن الماضي و الحاضر و موطن الديانات ، نحن من نفهم الإنسان و الإنسانية و نقدر البشرية ، ونحن من علمنا العالم و أسسنا علومه و صناعته .
إن صلة الروابط بين العرب هي العادات و التقاليد السامية و القيم العالية و روابط الدم ، فنحن امتداد لبعضنا من القبائل العربية الأصيلة ، و يتميز العرب بالصفات و العادات الحميدة كالكرم و الشهامة و النخوة و الشرف ، و كل دولة عربية لها طابعها الخاص من حيث اللهجة و العادات و التقاليد (وان كان الإختلاف بشيء بسيط) و المطبخ العربي الذي له خصوصيته في كل دولة ، بالإضافة إلى مراسم الأفراح و الأحزان ، و لكن تبقى الهوية العربية هوية واحدة و عنوان العرب ، و الثقافة العربية جواز السفر لكل عربي يحمل هويته العربية بكل فخر واعتزاز .
يقول أحد الشعراء :
أنا العربي لا أخجلْ
ولا أرضى بها بدلا
لغة تنساب من أقصى إلى أقصى
كنهر في الدجى أنقى
تحركه رياح المسجد الأقصى
النسخة الكاملة
