النسخة الكاملة

حول المبادرة الصينية..

الخميس-2023-02-26 11:50 am
جفرا نيوز - جفرا نيوز

محمد سلامة

أعلنت الصين عن مبادرة سياسية (وثيقة) لإنهاء الصراع في أوكرانيا، تزامنا مع دخول الحرب عامها الثاني، تضمنت (12) بندا، فيما رحبت موسكو بها، ورفضتها القوى الغربية وفي مقدمتها واشنطن، ..فيا ترى ما هي الأسباب؟!.

المبادرة الصينية تضمنت وقف إطلاق النار، وإحترام سيادة الدول، والتخلي عن عقلية الحرب الباردة، ومعالجة ملفات الأسرى والأطفال، والنظر إلى الوضع الإنساني، والاستمرار باتفاق تصدير الحبوب، وحماية سلاسل التوريد، ورفض العقوبات الاحادية الغربية، وحماية المنشآت النووية، وآخرها إعمار ما دمرته الحرب.هذه النقاط لم تتطرق صراحة إلى ضرورة انسحاب الجيش الروسي من الإقليم الأربع وهي «لوغانستك ودونتسيك وزاباروجيا وخيرسون»، رغم تاكيدها على إحترام ميثاق الأمم المتحدة، وما يعنيه ذلك من إعادة الاستفتاءات لهذه المقاطعات الأربع وضمها بصورة شرعية لموسكو كون غالبية سكانها من أصل روسي ويتحدثون الروسية، وسيصوتون لصالح الإنضمام لروسيا، فقبل الحرب الروسية على أوكرانيا صوت 97% من سكان هذه المقاطعات لصالح الإنضمام لروسيا ومعاداة نظام كييف الحالي.

واشنطن ومعها أوروبا يرون أن وقف الحرب الآن، والبدء بمفاوضات سلام يعني بقاء المقاطعات الأربع الاوكرانية بيد الجيش الروسي، وهذا إنتصار للرئيس بوتين، ووقف الحرب بالنسبة الاوكرانيا دون الإنسحاب الروسي يعني نهايتها، واللافت أن قادة كييف ولأول مرة يهللون لتدخل الصين رغم تحفظم على المبادرة.

المبادرة الصينية وضعت إطار الحرب في أوكرانيا على عتبة التصعيد مجددا، كونها حددت الأطراف المعنية بوقف الحرب..روسيا من جهة ..وأوروبا وامريكا من جهة ثانية، دون أهمية لموقف قادة أوكرانيا، وكان لافتا الرفض الأمريكي لها، فيما الموقف الأوروبي المعلن هو الرفض، لكن تفاصيل البنود تضمنت ضمانات أمنية لموسكو في أوكرانيا وفي عدم تمدد الناتو شرقا، ولهذا جرى اتهام بكين على أنها ليست محايدة وتدعم موسكو سياسيا واقتصاديا واعلاميا، وجرى اتهامها بتوريد أسلحة إلى روسيا.

المبادرة الصينية وللأسف ولدت ميتة، فلا قادة أوكرانيا يمكنهم التعامل معها دون موافقة واشنطن ولا أوروبا كذلك، فالحرب تنتظر مسارات اخرى..هجوم الربيع الاوكراني أو هجوم الروس الجديد، وما ستسفر عنه نتائج العمليات، يحدد اطارا اخر لمبادرات أخرى، ووحدها واشنطن تمسك بخيوط اللعبة السياسية والامنية في الحرب الدائرة رحاها في البوابة الشرقية لأوروبا، وموسكو وحدها تهدد بالتوسع غربا حتى حدود بولندا، وما تصريحات نائب رئيس مجلس الأمن القومي ميدفيدف الأخيرة سوى التهديد بقبول المبادرة أو التصعيد والذهاب إلى حدود بولندا (اي احتلال غرب أوكرانيا كاملا)، وبعبارة أخرى فإن الحسم الأمني يسبق المفاوضات، فلا كييف قادرة على وقف الحرب دون انسحاب روسيا، ولا موسكو تقبل بعد كل التضحيات بأن تتراجع عن أهداف عمليتها العسكرية الخاصة، والشعوب تدفع ثمن خلافات الكبار، والنهاية التاريخ يكتبه المنتصرون، ولا عزاء للمهزومين.