النسخة الكاملة

تفاصيل موسعة تكشف حيثيات استشهاد الصحفية ابو عاقلة ببندقية جندي إسرائيلي من الوحدة الخاصة “دفدفان”

الخميس-2022-09-07 11:30 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كشفت صحفية معاريف العبرية  تفاصيل استشهاد الصحفية شيرين أبو عاقلة من قبل جنود الاحتلال . 

الجيش يريد منا التصديق بأن هناك احتمالية عالية بأن الجندي الإسرائيلي من الوحدة الخاصة "دفدفان” قد تشوش الأمر عليه، واعتقد بأن الصحفية شيرين أبو عاقلة هي مسلح فلسطيني وذلك بسبب الخوذة التي توجد على رأسها والسترة الواقية التي كانت ترتديها. لذلك هو أطلق النار عليها من خلال المنظار الذي يعمل على تكبير الهدف بأربعة أضعاف، من داخل السيارة العسكرية المحصنة ضد الرصاص والتي كان يجلس فيها.

من وجهة نظر مدنية، وليس عسكرية، فإن هذه الاستنتاجات هي نتيجة عملية التستر الجديدة التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي والتي تسمى "تحقيق”. الاستنتاج الأول هو أنه إذا كان الأمر قد اختلط على الجندي، بين مراسلين وبين مسلحين، وإذا كان قادته يسمحون له بمواصلة إطلاق ليس أقل من عشر رصاصات في غضون هذا الاختلاط على المراسلين فان وضع الجيش الإسرائيلي سيئ جدا.

 الاستنتاج الثاني هو أن هذا الاختلاط هو أمر محتمل فقط لأن الجيش وضباطه وجنوده يستخفون بشكل متزايد وخطير بحياة المواطنين الفلسطينيين. الجنود مبرمجون على "التشوش” وعلى الفشل حتى من ناحية مهنية، لأنهم مبرمجون للتصديق بأنهم الضحية، في حين أن السكان المدنيين الفلسطينيين الخاضعين للحكم الاجنبي، هم المجرم.

بيان المتحدث بلسان الجيش حول نتائج التحقيق الجديدة حول ظروف قتل الصحفية، الضليعة في تغطية الاقتحامات العسكرية، يتجاهل حقيقة أنه قبل اطلاق الجندي للنار وقتلها فإنه هو أو جندي آخر اطلق النار على المراسل علي السمودي وأصابه في كتفه. بيان المتحدث والتقارير الصحفية أيضا قفزت عن حقيقة أنه قبل بضع دقائق من إطلاق النار القاتلة مرت مجموعة المراسلين، وهم يرتدون الخوذات ويرتدون الستر الواقية، من أمام الجنود الذين كانوا في السيارات العسكرية المحصنة. 

"لقد مشينا بشكل مباشر، حيث كان أمامنا وعلى بعد 200 متر تقريبا، عدد من السيارات العسكرية. نحن رغبنا في أن يرانا الجنود ويشخصوننا كمراسلين”، هكذا شرح لـ "بتسيلم” الصحفي المخضرم السمودي، الذي مثل زميلته أبو عاقلة، هو ايضا ضليع في مثل هذه التغطية وتعلم ما هي أساليب الحيطة والحذر التي يجب اتباعها من اجل أن لا يصاب.

صحفيان آخران كانا هناك أيضا وقدما افادتهما لبتسيلم هما شذى حنايشة ومجاهد السعدي، أكدا ايضا على أنهم حرصوا على التصرف بالصورة التي فيها يفهم الجنود الموجودون في السيارات العسكرية بأن الأمر يتعلق بمراسلين. لم يكن هناك أي قتال. 

ولو أنه كان هناك قتال لما كانوا مروا أمام الجنود بمثل هذه الثقة من أمام السيارات العسكرية. حسب الجيش فان الجندي اطلق نحو 20 رصاصة، 10 منها على "الفضاء” الذي كانت توجد فيه أبو عاقلة. وحسب بتسيلم فان الجنود اطلقوا نحو 16 رصاصة على الصحفية. رصاصة من الست رصاصات الأولى أصابت السمودي. وقد اسرع واختبأ وراء سيارة متوقفة. ثلاثة مراسلين آخرين، من بينهم أبو عاقلة، انسحبوا من المكان الذي كانوا فيه.

 عندها تم اطلاق سبع رصاصات اخرى عليهم، احداها أصابت رأس أبو عاقلة من الخلف. عندما حاول أحد السكان الفلسطينيين انقاذها أطلق الجنود عليه ثلاث رصاصات أخرى. فهل إذا الأمر يتعلق بجندي أو جنديين؟ نحن لا نعرف.

هناك خمسة شروط ضرورية كي يمر قتل وإصابة المواطنين الفلسطينيين على يد الجيش الاسرائيلي بهدوء وبدون أي تعقيدات اعلامية.
 
في حالة قتل أبو عاقلة تحقق فقط اربعة شروط منها.

الشرط الاول هو أن يصدق الجمهور الاسرائيلية قصص الكاوبوي التي يلقمونه اياها وكأن جنود الجيش يتم ارسالهم الى معارك، وحتى الى معارك متكافئة، ضد خصم مماثل له في القوة والذي ليس لديه أي مبرر لمعارضة الغزو العسكري للحي الذي يعيش فيه. 

التحقيق المتستر الحالي يتحدث ايضا عن إطلاق نار شديد وغيره على السيارات العسكرية المحصنة ضد الرصاص والتي كان الجنود يجلسون فيها. نعم، الكثير من الشباب الفلسطينيين، خاصة في مدينة جنين وفي مخيم جنين للاجئين، قاموا بشراء السلاح واقسموا بأن لا يسمحوا للجيش بغزو قراهم أو احياءهم من دون أي مقاومة، وكأنهم صيادون في السفاري.

 في الصور في التلفزيون المسلحون حقا يظهرون مخيفين، ملثمين ويحملون بنادق ضخمة في ايديهم، واحيانا ينجحون أيضا بإصابة جنود. ولكن تسميتهم بالأبطال من قبل الفلسطينيين واستعدادهم للتضحية بحياتهم أمام عدو مزود بسلاح متقدم ودقيق، الذي لا يوجد مثله معهم، لا يعتبر بديلا عن التدريب والتطوير المستمر لتكتيك القتال في ظروف حرب العصابات.

مصادر في الجيش الإسرائيلي، التي نشرت عن التحقيق والتي تم اقتباسها، تحدثت عن إطلاق نار كثيف لم يميز وعرض حياة الجنود للخطر، اثناء المعركة. لا يجب الاستخفاف بالخوف الشخصي للجنود، لكن هل يمكن التصديق بأن من اجروا التحقيق في وصف المعركة التي يوصف فيها جنود الجيش تقريبا بأنهم مدنيون ابرياء تواجدوا هناك بالصدفة؟. 

افلام الفيديو التي تم تصويرها في الوقت الحقيقي والتي حصلت عليها ونشرتها وسائل الاعلام الدولية (نيويورك تايمز والـ سي.ان.ان)، تظهر بأنه لم تكن هناك أي معركة قبل ذلك، وفي الوقت الذي اطلق فيه الجندي الذي اختلط عليه الأمر النار على أبو عاقلة وعلي السمودي.

 اذا كان هناك رصاص اصاب السيارات العسكرية فان هذا لم يحدث في حينه. اذا عن أي معركة يحدثونا.

الشرط الثاني المطلوب من اجل أن يمر قتل فلسطيني بالضبط من تحت الرادار هو عدم تصديق الجمهور الإسرائيلي لشهود العيان الفلسطينيين والتحقيقات المستقلة، سواء وسائل إعلام اجنبية أو منظمات لحقوق الإنسان. وإذا كان الجيش ما يزال حتى بعد نشر تحقيقات صحفيين مستقلين، يستطيع الاختباء وراء نظرية "بالخطأ” و”الاحتمالية العالية”، فان هذا بالضبط لأنه يشعر بأنه محمي بفضل نفس عدم الثقة الإسرائيلية والاستخفاف بكل اكتشاف فلسطيني.

الشرط الثالث هو تجاهل إسرائيل، الجماعي والثابت، للقائمة التي تطول لمواطنين فلسطينيين قتلهم وأصابهم الجيش وحرس الحدود والشرطة. هذه قائمة تشير الى نموذج متساهل جدا لاوامر فتح النار. "بتسيلم” تقوم بتوثيق كل حادثة. 

عدد من الحالات يعرفه قراء "هآرتس”، وهذا هو كل شيء. العدد لا يتحول الى جرس تحذير، ليس للجمهور وليس للكنيست وليس للنيابة العامة وليس للمحاكم. فلماذا اذا يغير الجيش الإسرائيلي ويتغير.

الشرط الرابع هو التطرق الى مهمة قوات الأمن (الجيش والشباك وحرس الحدود والشرطة)، الحامية والمدافعة عن مشروع الاستيطان، كأمر مفهوم ضمنا. ولأن مشروع الاستيطان يتوسع بدون أي معارضة دولية فان الكثير من الاسرائيليين يكسبون منه بشكل مباشر أو غير مباشر. هذه حالة طبيعية، كما يبدو حتى المتظاهرين الفلسطينيين غير المسلحين يعطلونها احيانا. 

ولأنه تقريبا كل بيت في اسرائيل له إبن في الجيش، والتماهي التلقائي هو معه، فإن القدرة المعرفية على التشكيك بالحالة الطبيعية تضررت واصبحت مشلولة. الجندي دائما هو على حق. لذلك، الجيش الاسرائيلي دائما هو على حق (إلا اذا قام القادة بالتنكيل بجنودهم أو قدموا لهم طعام لا يؤكل، عندها يتداعى الاهالي).

الشرط الخامس هو عدم الكشف عن هوية الضحايا الفلسطينيين. عندما يصاب الاسرائيلي في عملية فانه على الفور يصبح معروف ومقرب من الجمهور الاسرائيلي. فهم يعرفون قصة حياته والسياق الاجتماعي الذي يصبح مفهوم حتى بدون شرحه. عندما يكون القتلى والمصابون من الفلسطينيين، حتى لو تم نشر اسماءهم، هم يبقون غرباء. لا شيء من التفاصيل الصغيرة المعروفة يثير مشاعر المودة والتعاطف. في حالة أبو عاقلة هذا هو بالضبط الشرط الذي لم يتحقق. مواطنة اميركية وايقونة اعلامية لمئات ملايين مشاهدي "الجزيرة” اصبحت مألوفة حتى لمن لم يعرفها من قبل.

مع ذلك، هذا لم يكن كافيا من اجل أن لا يتستر الجيش الاسرائيلي. بالتحديد تجاهله للتوثيق المصور في الوقت الحقيقي ولافادات شهود العيان الفلسطينيين، التي نشرتها وسائل اعلام اجنبية موثوقة ومحترمة، يعزز الشكوك حول سبب التستر في هذه الحالة. هل حقا الحديث يدور عن جندي/ جنود اختلط عليهم الأمر واخطأوا، أو أن الحديث يدور عن اصبع خفيفة على الزناد كأمر روتيني، وهو روتين لا توجد أي نية لتغييره لأنه جزء من الحوكمة اللازمة من اجل النهوض بمشروع الاستيطان.