النسخة الكاملة

بداية مهمة لفلسطين

سامر الخطيب

الخميس-2021-11-04
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - حمادة فراعنة

ليس الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على الأرض والهوية والتاريخ والرواية، بين الفلسطينيين والإسرائيليين، خالياً من الخروقات والتجاوز، فالعدالة مهما جرى تشويهها وطمسها، ورفض الإذعان لأحكامها بحكم القوة العنجهية والتسلط والعنصرية والعداء للآخر، ولكنها في نهاية المطاف ستنتصر للمظلومين طالما لها رواد ومناضلون يمسكون بها، ويعملون على فرضها، بقوة الحق، والانحيازات التدريجية لصالحها، من أجل الحرية والكرامة والمساواة.
 
مجزرة كفر قاسم، أول مجزرة في مناطق 48 وأكبرها بعد قيام المستعمرة والاعتراف الدولي بها، وفرض سيطرتها على 78 بالمائة من خارطة فلسطين، وطرد غالبية سكانها، وبقي فقط مائة وخمسون ألفاً في بلداتهم تحت حكم وسيطرة حكومات المستعمرة، ومنذ ذلك الوقت إلى اليوم أصبحوا أكثر من مليون ونصف المليون نسمة، اعتبر قادة المستعمرة من المفكرين العسكريين والأمنيين أنها أول حماقة ارتكبتها الصهيونية في مشروع عملها، أنها أبقت هؤلاء في بلداتهم، وأصبحوا اليوم خُمس المجتمع الإسرائيلي يعيشون في ثمانية مدن عربية فلسطينية: الناصرة، سخنين، كفر قاسم، أم الفحم، الطيبة وراهط وغيرها لا يسكنها أي إسرائيلي، و58 قرية عربية مماثلة وخمسة مدن مختلطة: حيفا وعكا ويافا واللد والرملة، أكثريتها من الإسرائيليين والأقلية لديها من الفلسطينيين.
 
مجزرة كفر قاسم كانت الأولى والأكبر قبل مجزرة يوم الأرض 1976، ومجزرة الأول من تشرين أول 2000، وشهداء انتفاضة أيار المقدسية الرمضانية 2021.
 
رئيس المستعمرة اسحق هيرتسوك قدم الاعتذار عن الإسرائيليين حينما زار المدينة بذكرى المجزرة يوم 29/10/2021، وهي خطوة صغيرة متواضعة، ولكنها هامة على الطريق الطويل لاعتراف المستعمرة، بكل المجازر والجرائم التي قارفتها ولا تزال وتكاد تكون يومية، بحق الشعب الفلسطيني، في محاولات لإنهاء الوجود الفلسطيني على أرضه، بالتصفية والتضييق والخنق والتجويع والطرد ومصادرة الأراضي وهدم البيوت، في القدس، والضفة الفلسطينية، وآخرها في النقب تم أمس الأربعاء هدم منزل هارون أبو عزيز السيد في قرية حورة، إضافة إلى استمرار هدم البيوت كاملة لدى القرى غير المعترف بها لأنها معيقة لبرامجهم الاستيطانية التوسعية الاستعمارية.
 
الناشط اليساري الإسرائيلي لطيف دوري، أعلن خلال مشاركته في إحياء ذكرى مجزرة كفر قاسم الخامسة والستين يوم الجمعة 29/10/2021، وخلال خطابه على صرح الشهداء والنصب التذكاري للمجزرة، أعلن استقالته العلنية من حزب ميرتس الصهيوني اليساري، بسبب موقف الحزب السلبي من مشروع قانون مجزرة كفر قاسم الذي طُرح على جدول أعمال الكنيست الإسرائيلي حيث قال:
 
«من كفر قاسم بلد الشهداء الأمجاد، وفي هذا اليوم الذي نحيي فيه الذكرى الـ65 لمجزرة كفر قاسم الرهيبة، أُعلن استقالتي من حزب ميرتس الذي خان الأمانة والشراكة اليهودية العربية، بسبب الموقف المخجل الذي اتخذه الحزب يوم الأربعاء 27/10/2021 بهروبه من قاعة الكنيست أثناء التصويت على مشروع قانون لتخليد ذكرى مجزرة كفر قاسم.
 
في هذه المناسبة أشيد بالموقف المشرف الذي اتخذه الحزبان العربيان القائمة الموحدة والقائمة المشتركة بدعم مشروع القانون، وكذلك موقف النائبين العربيين عن حزب ميرتس غيداء ريناوي الزعبي وعلي صلالحه، بانحيازهما إلى الموقف الوطني الصحيح، ودعمهم لمشروع القانون دون النظر إلى أية اعتبارات سياسية أو حزبية ضيقة».
 
وقد شن لطيف دوري هجوماً قوياً على حكام المستعمرة وقادتها الذين يُصرون على عدم اعترافهم بمسؤوليتهم الكاملة عن جريمة المجزرة المشينة قائلاً:
 
«لا مناص لكم من الاعتراف بمسؤوليتكم الكاملة عن المجزرة، بعد اعتراف التاريخ بها، والذي سجل عليكم وصمة عار أبدية على جبينكم، وهي لن تزول إلى الأبد».
 
اعتذار هيرتسوك بما يُمثل، واستقالة لطيف دوري الاعتبارية، بداية الانحسار والتراجع مهما بدا ضئيلاً متواضعاً، ولكنها خطوات على الطريق الطويل، طريق انتصار المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني، وهزيمة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي.