*السرور: نزاعات لو تركت على عواهِنها لكان هناك نتائج لا تحمد عقباها
*الحمود: يتحدثون دائماً عن الحق الجاني والمتهم دون النظر لحق الضحية وذويه
*العرموطي: التوقيف الإداري اعتداءٌ على السلطة القضائية
جفرا نيوز - تقرير: موسى العجارمة
كشف التقرير السنوي للمركز الوطني لحقوق الإنسان عن انخفاض أعداد الموقوفين إداريّاً خلال العام 2020. مشيراً إلى أنّ هذا الانخفاض لا يعكس بالضرورة تغييراً في سياسية الحكومة والحكام الإداريين تجاه التوقيف الإداري، بل يُعزى بشكل رئيسي إلى ظروف الجائحة وسياسة التخفيف من الاكتظاظ في مراكز الإصلاح والتأهيل، ليكون عدد الموقوفين إداريّاً خلال العام 2020 ما مجموعه (21.322) موقوفاً، مقارنة بـ(37.853) موقوفاً خلال العام 2019.
وفي المقابل هناك جملة من الآراء النقيضة التي ترافق فكرة التوقيف الإداري الذي يعتبره العديد من الحقوقين بأنه اعتداءً صارخاً على كرامة الإنسان ويلقي بظلاله على حرية المجتمع ويخالف الدستور، ويخلط بين عمل السلطات الثلاثة ويتيح لسلطة التنفيذية التغول على السلطة القضائية التي تتمتع بالاستقلالية الكاملة، ليكون رأي العديد من وزراء الداخلية ومدراء الأمن والمحافظين السابقين:" بأن التوقيف الإداري نعمة وليس نقمة، ويسهم بشكل فعال للحد من الجرائم وبث الطمأنينة بقلوب الأردنيين وللحفاظ على السلم الأمني والمجتمعي".
*السرور: التوقيف الإداري يطبق على نطاق ضيق
نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الأسبق سعد هايل السرور يفسر بأن التوقيف الإداري يرتبط مع قانون منع الجرائم الذي يوحي مسماه بالهدف العام من تطبيقه على أرض الواقع، فالتوقيف الإداري تحديداً أسهم بشكل كبير بحماية المجتمع من بعض الظواهر التي كانت تستدعي إجراء فوري لردعها، ما يعني بأن هذه المادة الهدف منها الحفاظ على آمن وسلامة المواطن والمجتمع بشكل عام، وخاصة بأن لديها تعليمات واضحة لتطبيقها والتي تقتصر على الحالات الضيقة فقط.
ويستذكر السرور أثناء حديثه لـ"جفرا نيوز"، فترة عمله عندما كان وزيراً للداخلية، حيث إن توجهيات جلالة الملك كانت واضحة بهذا الخصوص وتقضي على تطبيق التوقيف الإداري بأقل نطاق ممكن، دون التوسع بهذا الأمر، وأن يكون اللجوء إليه مرتبطاً بالحوادث التي تستدعي لذلك، منوهاً بأن هناك مبالغة بالحديث عن التوقيف الإداري، وكأنه يطبق بشكل عشوائي وعبثي وهذا الكلام عارٍ عن الصحة؛ لأن التوقيف الإداري يطبق على حالات ضيقة من أجل ردع الأشخاص الخارجين عن القانون.
ويؤكد بأن هناك أشخاص لابد من الحد من تصرفاتهم الخاطئة التي تسبب أحياناً فتنة في المجتمع وتفتح أبواباً للجريمة أم يكونوا متسببين فيها أو متسببين على افتعالها، ولأن الأردن دولة مؤسسات وقانون فإن تطبيق هذا الأمر يحافظ على سلامة المجتمع ويسهم بردع الأشخاص الذين يفتعلون المشاكل ومنهم من كان يفرض أتاوات على عابري الطريق والمحال التجارية، وهذا يستدعي لإتخاذ إجراء فوري لردع تصرفاتهم الخارجة عن القانون.
ويوضح السرور في نهاية حديثه لـ"جفرا نيوز"، أن الأردن لديه القضاء العادل والنزيهة، إلا أن هناك حالات تستدعي التدخل السريع لتجنب تفاقم المشاكل، وقانون منع الجرائم ترك إيجابيات كثيرة على سلامة المجتمع أمام مخاطر لا تنتظر التأجيل، مبيناً أن التوقيف الإداري قد يكون مدخلاً لإنهاء بعض النزاعات التي لو تركت على عواهِنها ستتفاقم الأمور مستقبلاً وتؤدي لنتائج لا تحمد عقباها، وخاصة بأن التوقيف الإداري يتبعه رقابة شديدة وهناك جهات كثيرة تطالب بتطبيق هذا القانون وأن يكون الإجراء بمكانه وألا يتم الاستغناء عنه لحماية المجتمع.
*الحمود: أطالب الجهات التي تريد إلغاء القانون بإيجاد حلول بديلة
مدير الأمن العام السابق اللواء المتقاعد العين فاضل الحمود، يتفق مع تفسير السرور بأن قانون منع الجرائم جاء لكي يمنع الجريمة قبيل وقوعها بشكل استباقي، بالإشارة إلى أنه وضع لحماية المجتمع والمواطنين من ذوي الإسباقيات الجرمية، موضحاً أن هناك أشخاص يخلطون بمفهوم هذا القانون ويعتقدون بأنه يطبق على كل حدب وصوب، على الرغم من أنه مقتصراً على أصحاب السوابق بقضايا معينة.
ويوضح الحمود في حديثه لـ"جفرا نيوز"، بأن هناك جرائم تحتاج لمدة أطول من أجل توقيف المتهم؛ لكي يتسنَ لمساعدي الضابطة العدلية "الشرطة" إنهاء التحقيقات اللازمة، وبعد أن تم تعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية أصبحت مدة التوقيف المسموحة لهم تنحصر بـ(24) ساعة بدلاً من (48) ساعة، فهناك الكثير من الجرائم وخاصة التي تقع بطريقة بشعة، تحتاج عمليات التحقيق فيها لأكثر من (48) ساعة، مما يضطر مساعدو الضابطة العدلية للجوء لهذا القانون عبر الحاكم الإداري من أجل توقيف شخص بموجب هذا القانون لتحقيق العدالة؛ لكي يكون أمامهم وقتاً كافياً للانتهاء من التحقيق، والدليل جريمة فتى الزرقاء التي لا يعقل أن تنتهي عملية التحقيق فيها خلال (24) ساعة فقط.
ويطالب من الجهات التي تقترح إلغاء قانون منع الجرائم بتقديم حلولاً بديلة عن هذا القانون؛ لكي نحمي المجتمع من أصحاب السوابق، وهذا السؤال طرح عدة مرات على تلك الجهات إلا أنها التزمت الصمت، لافتاً إلى أن المجتمع الأردني يمتلك تركيبة خاصة به، ويجب أن يفهمها الجميع، وأحياناً قضايا ذم وتحقير تدرج تحت بند الجرائم الكبرى، وقضايا القتل والعرض قد تؤدي لمضاعفات، وهذا يشدد على ضرورة تطبيق قانون منع الجرائم حتى لا تزيد المشكلة تعقيداً في حال الإفراج عن شخص.
ويختتم الحمود حديثه لـ"جفرا نيوز" أن هذا القانون يطبق بحالات معينة ويجب أن يعي الجميع بأنه استباقي ويعالج وقوع الجريمة ولا يطبق بكافة الحالات، مستهجناً الحديث دائماً عن حقوق الجاني دون الدفاع عن حق الضحية وذويه وأهمية عيش المجتمع بطريقة آمنة، وخاصة بأن الأردن لا يتملك ثروات باطنية إنما ثروته الحقيقية تكمن بمنظومة الأمن والنظام التي نعتز بها، ونحن لسنا ضد حقوق الإنسان ولكن كل فرد بالمجتمع له حق.
*العرموطي يستهجن التوقيف الإداري
المفوض العام للمركز الوطني لحقوق الإنسان علاء العرموطي، يستهجن فكرة تأييد التوقيف الإداري؛ لكونه يعتبر اعتداءً على السلطة القضائية ويحجز حرية المواطن؛ لأنه من المفترض أن يكون هناك محاكمة عادلة للاستماع للشهود والوقوف على كامل الحيثيات، وخاصة بأن هذا القانون صدر في فترة الخمسينيات من القرن الماضي، ولا يزال مطبقاً لغاية هذه اللحظة، وهذا بحد ذاته يترك علامة استفهام بالخط العريض، مشدداً على ضرورة إيجاد بدائل أخرى بدلاً من التوقيف الإداري الذي يناقض مبدأ فصل السلطات.
ويرى العرموطي أثناء حديثه لـ"جفرا نيوز"، أن بدائل التوقيف الإداري تكمن بقرار المدعي العام والقاضي وليس من خلال الحاكم الإداري، منوهاً أن التوقيف الإداري لا يطبق فقط على أصحاب السوابق والخارجين عن القانون؛ فهناك أشخاص توقفوا إدارياً على أسباب لا تذكر، بالتالي عملية ردع أصحاب السوابق تنسجم مع تغليظ العقوبات ومضاعفتها وليس بالحبس لفترة قصيرة ومن ثم الخروج بعدها وكأنه شيئاً لم يكن، مطالباً البحث عن جوهر العدالة لطالما القاضي هو المسؤول عن إصدار الاحكام وما ينتج عنها.
يذكر أن محافظ البلقاء الدكتور فراس أبو قاعود، قام بالإفراج قبل أيام عن صاحب أسبقيات شريطة التزامه بالصلاة في المسجد، ليأتي في هذا القرار من باب بادرة لتحسين سلوكه وتعديل مسار حياته، بعيداً عن ارتكاب القيود الجرمية أو المخدرات، بحيث يصبح شخصاً صالحاً للمجتمع ولنفسه.
وأوضح أن الشاب كان موقوفاً ادارياً، بحيث تم تسجيل 94 قيدا بحقه، وهو الأمر الذي دفع محافظ البلقاء للإفراج عنه مقابل الالتزام بالصلاة بالمسجد، مبيناً أنه توافق مع أحد أئمة المساجد، من أجل متابعة ذلك الشخص والتزامه بالصلاة في المسجد، الواقع في أحد أحياء مدينة السلط.