جفرا نيوز -
جفرا نيوز - المهندس عادل بصبوص
سارع العديد من المراقبين والمحللين فور عودة المعارض المعروف نايف الطوره إلى البلاد، إلى الإستنتاج بأن هذه الخطوة قد وضعت الدولة الأردنية في موقف صعب وحرج، فاعتقاله سوف يثير العديد من الجهات الخارجية لأنه صحفي أولاً ولكونه يحمل جنسية أجنبية ثانياً، إضافة إلى إثارة جهات أخرى داخلية سوف ترفع شعارات وعناوين انسانية مفادها لماذا يتم منع مواطن "مريض" من العودة إلى بلده لرؤية أمه، فيما السماح له بالدخول دون إعتراض أو توقيف سوف يهز مصداقية الدولة التي أوقفت اجهزتها المختصة آخرين كانوا "أقل" معارضة من الطوره وتحدثوا ضمن سقوف أخفض كثيرا" من السقوف التي اخترقها مراراً وتكراراً، وبالتالي فقد نجح الطورة في خطوته المفاجئة، فيما تلقت شباك الدولة ومرماها بالسماح بعودته دون توقيف – حسب هؤلاء المحللين- هدفاً صاروخياً لا يرد، ولم يتوقف التحليل والاستنتاج عند هذا الحد، بل وصل الامر ببعض المراقبين للقول بأن العودة ليست مفاجئة بتاتاً وأن الامر ينطوي على صفقة عقدها الطوره مع الأجهزة المعنية.
لم يطل انتظار المهتمين والمتابعين لهذا الموضوع سوى يوم واحد او يومين، حتى قام نايف الطورة ببث حي (live) وهذه المرة من غرفة في احد فنادق العاصمة، تحت عنوان "من لا يشكر الناس لا يشكر الله"، خصصه لتقديم الشكر لقائد البلاد على السماح له بالدخول والإيعاز بتقديم أية مساعدة قد يحتاجها، كما شمل خطاب الشكر دائرة المخابرات العامة ومنتسبيها، كان الكلام في ظاهره عاطفياً مباشراً تضمن عبارات الشكر الحار المتكرر، بيد أن المضمون قد تجاوز ذلك إلى الاعتذار الشديد عن مرحلة سبقت، وإعادة التموضع في موقع لن يكون مزعجاً بعد الآن لمن دأب على ازعاجهم ومضايقتهم بظهوره المتكرر في فيديوهات لم يقتصر بعضها على طروحات المعارضة للسياسات والإجراءات بل تعدى ذلك إلى حدود تتجاوز ذلك بكثير.
لا يعنينا كثيراً فيما اذا كانت عودة الطوره هي قرار شخصي مفاجىء أم صفقة تم ترتيبها مع من يهمهم الأمر، فالنتيجة والمحصلة واضحة تماماً، فعلى عكس ما اعتقد الكثيرون فالدولة لم تخسر شيئاً بل ربحت الكثير، فما رآه البعض هدفاً سجله الطوره في المرمى الأردني الرسمي المشرع، كان ثلاثة أهداف "هاتريك" سجلتها الدولة في مرمى الخصوم ليس في مباراة واحدة بل نتيجة تسديدة واحدة ووحيدة، أول هذه الأهداف كان اسكات صوت طالما ارتفع وهاجم بضراوة اعتماداً على بيانات مسربة أو أنصاف حقائق أو حتى اشاعات، وبالرغم من عدم صدقية الكثير مما كان يبث، فقد نجح في جذب الآلاف من المتابعين والمستمعين، منهم من كان يؤمن ويصدق ما يسمع وآخرون غيرهم كان يدفعهم الفضول إلى انتظار فيديوهات البث ومتابعتها، وفي النهاية لم يكن من مستفيد من ذلك كله إلا صاحب البث وبطله وأعداء كثر في الداخل والخارج يتبرصون بالبلد وأهله الشرور والمصائب.
أما ثاني هذه الأهداف المتحققة فيتمثل في حرق أوراق المعارضة الخارجية، واصابة مصداقيتها في مقتل، فأبرز وجوهها وأكثرهم حضوراً وأعلاهم صوتاً ينقلب على مواقفه السابقة بل ربما مبادئه بين عشية وضحاها، فمن سيتابع المتبقين منهم بعد الآن ؟؟؟!!!.
وأما ثالث الأهداف وربما أكثرها أهمية فيتجسد في إعادة الحضور والألق لتاريخ الهاشميين في التسامح والعفو، والذي يمكن أن يتحول إلى رصيد لا ينتهي من المكاسب ليس للنظام وحده بل للوطن بمجمله في حال ارتأى صاحب القرار، ان يعمم ذلك ويشمل معارضة الداخل والتي قد تكون الأجدر والأكثر استحقاقاً لهذا التسامح، فيصدر عفو خاص يشمل الملاحقين والمحكومين نتيجة ممارسات معظمها لم تصل للحدود التي كان الطوره قد تجاوزها ....