جفرا نيوز -
جفرا نيوز- كتب حمادة فراعنة
لا تختلف حكومة الشراكة اليمينية (يائير لبيد وبيني غانتس) واليمينية المتطرفة (نفتالي بينيت وأفيغادور ليبرلمان وجدعون ساعر) عن حكومات نتنياهو المتعاقبة، فقد كان كل هؤلاء وزراء وحلفاء للفاسد المرتشي، لدى حكومات المستعمرة. الفرق هو استبدال قادة الأحزاب الدينية الثلاثة: اريه درعي، وموشيه غفني، وبتسلئيل سموتريتش، تم استبدالهم بقادة الأحزاب الصهيونية المعتدلة: ميراف ميخائيلي حزب العمل، ونيتسان هورفيتش حركة ميرتس، إضافة إلى دعم الجناح الجنوبي من الحركة الإسلامية: القائمة العربية الموحدة منصور عباس ورفاقه.
التراث العنصري العدائي القائم على إلغاء الآخر: الفلسطيني العربي الإسلامي المسيحي الدرزي، تراث أصيل وجوهري لدى الحركة الصهيونية وتشعباتها الدولية ومشروعها الاستعماري التوسعي على أرض فلسطين. ومع ذلك سجلت الوقائع التاريخية ثلاث محطات اعتمدت خلالها الأحزاب الإسرائيلية على الشراكة الفوقية في تعاملها مع المجتمع العربي الفلسطيني أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، وفي تحالفها مع أحزاب أو شخصيات عربية بهدف تشكيل حكومات والحصول على الثقة البرلمانية :
المحطة الأولى كانت في الخمسينيات والستينيات حينما اعتمدت الأحزاب الإسرائيلية على أدوات عربية تابعة من الوجهاء والمخاتير وشيوخ العشائر، بعناوين مختلفة كان منها: سيف الدين الزعبي، وعبدالعزيز الزعبي، وجبر داهش معدي.
المحطة الثانية في عهد حكومة الإئتلاف التي تشكلت من أحزاب العمل و ميرتس وشاس برئاسة اسحق رابين عام 1992 حينما كانت له الأقلية من 56 نائباً، مقابل الليكود وحلفائه برئاسة إسحاق شامير وكان لديه 59 نائباً، حيث تحالف إسحاق رابين واعتمد على الأصوات العربية الخمسة: 3 من الشيوعيين و2 من الحزب الديمقراطي العربي، وشكلوا له حائط صد وحمايته من فقدان الثقة، وبقي محمياً من قبل النواب العرب الخمسة حتى تم اغتياله يوم 4/11/1995 وتولى شمعون بيرس رئاسة الحكومة حتى عام 1996، وكانت نتائجها أن حققت مكاسب كبيرة للمجتمع العربي الفلسطيني، مثلما حققت غطاء لتمرير اتفاق أوسلو.
وهذه الأيام ، في حكومة التناوب الائتلافية، هي المحطة الثالثة المفتوحة على احتمالي النجاح أو الفشل، قادها النائب منصور عباس، بهدف تحقيق مكاسب عينية لمجتمعه.
لا شك أن مبادرة النائب منصور عباس وخروجه من القائمة البرلمانية المشتركة سُجلت عليه وعلى حزبه مأخذاً كبيراً لأنه شكل إحباطاً للناخب العربي، بعد أن تقدم إلى الأمام وعبر عن انحيازه للوحدة الوطنية وتشكيل القائمة البرلمانية المشتركة من ائتلاف ضم أربعة أحزاب عربية يوم 22/1/2015، وصلت لأول مرة إلى تحصيل 15 مقعداً في البرلمان من مشاركة 64 بالمائة من الناخبين الفلسطينيين، مما يدلل على وجود رصيد يمكن زيادته إلى حوالي عشرين نائباً إذا زاد عدد الذين يختاروا الانحياز إلى صناديق الاقتراع كإسلوب في انتزاع الحقوق والمساواة.
خروج الحركة الإسلامية وقائمتها العربية الموحدة من إئتلاف القائمة المشتركة أحبط الناخب العربي وتراجع وصولهم إلى صناديق الاقترع يوم 23/3/2021 إلى دون مشاركة الخمسين بالمائة من الناخبين العرب الفلسطينيين.
كان التوقع سقوط قائمة الحركة الإسلامية وعدم حصولها على عتبة الحسم وهي 3.25 بالمئة من نسبة المشاركين بالانتخابات، ولكن المفاجأة كانت أن 160 ألف صوت عربي أعطوا أصواتهم للحركة الإسلامية، وحصلوا بعد تحالفهم مع شخصية مستقلة بارزة هو مازن غنايم رئيس بلدية سخنين السابق، وحصولهم على أربعة مقاعد وكادوا يحصلوا على الخامس لو توفر لهم خمسة آلاف صوت إضافي.
مغامرة منصور عباس ومبادرته مع رفاقه بالمساهمة والشراكة مع أحزاب حكومة الائتلاف مفتوحة على كل الاحتمالات ولكنها بكل الأحوال ستشكل محطة انتقالية ستترك بصماتها على المشهد السياسي الفلسطيني والإسرائيلي، بعد قبول قيادات ورضوخ أحزاب إسرائيلية عنصرية متطرفة في اعتمادها على حزب عربي إسلامي في إدارة حكومة المستعمرة، وهو قرار وتوجه غير مألوف سيكون له ما بعده من توجهات وقيادات منفتحة.