النسخة الكاملة

ابو شقره يكتب: الذهب في الأردن… قراءة اقتصادية في سلوك السعر وثقة السوق

الإثنين-2025-12-22 01:39 pm
جفرا نيوز -
بقلم: الدكتور عصام أحمد شقره

دكتوراه في إدارة الأعمال – رجل أعمال ومستثمر أردني

يشكّل الذهب أحد أعمدة الثقة في الاقتصاد، ومرآة حسّاسة لحركة الأسواق، ليس فقط بوصفه معدنًا ثمينًا، بل كأداة ادخارية واستثمارية تعكس مزاج الاستقرار والقلق في آنٍ واحد. وفي الأردن، يحافظ الذهب على مكانته كخيار آمن للأفراد، وكمؤشر مهم لصنّاع القرار والمتابعين للشأن الاقتصادي.

وبالاستناد إلى التسعيرة اليومية الصادرة صباح اليوم، سجّل عيار 24 سعر بيع بلغ 102.000 دينار للغرام، مقابل 98.600 دينار سعر شراء، فيما بلغ عيار 21 – الأكثر تداولًا في السوق المحلي – 89.100 دينار للبيع، و85.500 دينار للشراء. كما سجّل عيار 18 سعر بيع 79.200 دينار، وشراء 73.100 دينار، في حين بلغ عيار 14 61.100 دينار للبيع و54.800 دينار للشراء.

هذه الأرقام تعكس حالة توازن نسبي في السوق المحلي، وتدل على استقرار مدروس في الطلب، بعيدًا عن موجات الاندفاع أو التراجع الحاد. ويُلاحظ أن الفارق بين سعري البيع والشراء ما يزال ضمن الحدود الطبيعية، وهو ما يعكس انضباطًا في التسعير، وثقة متبادلة بين التاجر والمستهلك.

اقتصاديًا، لا يمكن قراءة أسعار الذهب بمعزل عن السياق العالمي؛ فالتقلبات الجيوسياسية، وسياسات الفائدة، وحركة الدولار، جميعها عوامل تضغط باتجاه إعادة تموضع المستثمرين نحو الأصول الآمنة. غير أن خصوصية السوق الأردني تكمن في أن الذهب لا يُنظر إليه فقط كأداة مضاربة، بل كوعاء ادخاري طويل الأجل، مرتبط بثقافة اجتماعية واقتصادية راسخة.

ومن منظور استثماري، فإن استقرار أسعار الذهب عند هذه المستويات يفتح المجال أمام قرارات شراء مدروسة، خاصة لمن ينظر إلى الذهب كتحوّط ضد التضخم، لا كمكسب سريع. كما أن وضوح التسعير اليومي، وصدوره عن جهة نقابية رسمية، يعزّز الشفافية ويحدّ من الممارسات العشوائية.

خلاصة القول، إن الذهب في الأردن ما يزال يحافظ على دوره كميزان ثقة اقتصادي، لا يعلو صوته في الضجيج، لكنه يرسل إشارات هادئة لمن يحسن القراءة. فالاستثمار الرشيد لا يقوم على التوقيت فقط، بل على الفهم، والانضباط، وربط القرار بالسياق الكلي للاقتصاد
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير