جفرا نيوز -
بقلم خالد مفلح البداوي
عند التوقف أمام المشهد العام، لا يمكن الاكتفاء بالنظر السطحي أو إطلاق الأحكام السريعة، فالصورة أعمق وأكثر تعقيداً مما تبدو عليه. نحن أمام واقع تتداخل فيه العوامل الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، ويصعب فصله إلى أبيض وأسود.
المشهد اليوم يحمل قدراً كبيراً من الضغط على الفرد، ضغط المعيشة وضغط التوقعات وضغط المقارنة المستمرة. المواطن لم يعد يطالب بالكمال، بل بالحد الأدنى من الاستقرار والوضوح، وهذا بحد ذاته مؤشر يستحق التوقف عنده.
في المقابل، تظهر فجوة واضحة بين الخطاب والممارسة. نسمع كثيراً عن التطوير والتحديث، لكن أثر ذلك لا يصل دائماً إلى حياة الناس اليومية بالسرعة أو العمق المطلوب. هذه الفجوة تخلق شعوراً بالإرهاق أكثر من الغضب، وبالتعب أكثر من الرفض.
المشهد العام يكشف أيضاً عن تحولات في السلوك المجتمعي. الصبر أصبح أقصر، والتسامح أضعف، والثقة أقل. ليس لأن الناس تغيرت بطبيعتها، بل لأنها أُنهكت تحت ثقل الضغوط المتراكمة، حتى باتت أبسط التفاصيل عبئاً إضافياً.
ورغم كل ذلك، لا يخلو المشهد من نقاط قوة. ما زال هناك من يعمل بصمت، ومن يتمسك بالقيم، ومن يرفض الانزلاق نحو السلبية الكاملة. هؤلاء لا يصنعون الضجيج، لكنهم يحافظون على توازن المشهد ويمنعون انهياره.
قراءة المشهد العام لا تعني جلد الذات ولا تبرير الأخطاء، بل تعني الفهم أولاً. فالفهم هو الخطوة الأولى لأي تصحيح حقيقي، وأي إصلاح لا ينطلق من قراءة واقعية هادئة، يبقى مجرد أمنيات مؤجلة