النسخة الكاملة

الرقابة الوقائية… نهج لحماية سلامة المواطن

الإثنين-2025-12-15 02:18 pm
جفرا نيوز -

د عبدالحميد عليمات

في ظل التحديات المتسارعة التي تواجه الدول الحديثة، لم يعد الاكتفاء بالرقابة القانونية

 والفنية اللاحقة كافيًا لضمان سلامة المواطن وحماية المنشآت الوطنية. فالأردن، كدولة تسعى الى تعزيز و ترسيخ مفهوم الدولة الآمنة والمسؤولة، بات بحاجة ماسة إلى تبني الرقابة الوقائية كخيار استراتيجي يسبق وقوع الخطر بدل الاكتفاء بمعالجته بعد حدوثه.

إن الرقابة القانونية والفنية، على أهميتها، تقوم في جوهرها على التفتيش بعد التنفيذ، ومحاسبة المخالف بعد وقوع الضرر. ورغم أن هذا النهج يحقق العدالة ويعزز سيادة القانون، إلا أنه غالبًا ما يأتي متأخرًا عندما تكون سلامة المواطن قد تعرضت للخطر، أو عندما تكون الخسائر البشرية والمادية قد وقعت بالفعل. من هنا تبرز الرقابة الوقائية كأداة أكثر فاعلية وأقل كلفة على الدولة والمجتمع.

الرقابة الوقائية تقوم على منع الخلل قبل حدوثه، من خلال التخطيط المسبق، وتقييم المخاطر، والمتابعة المستمرة للمنشآت الوطنية الحيوية، سواء كانت صناعية أو خدمية أو صحية أو تعليمية. وهي رقابة تعتمد على المؤشرات المبكرة، والإنذار المبكر، وبناء ثقافة الالتزام والسلامة داخل المؤسسات، بدل الاكتفاء بتقارير المخالفات بعد الكوارث.

في السياق الأردني، حيث تتداخل المنشآت الوطنية مع حياة المواطن اليومية، تصبح الرقابة الوقائية ضرورة وطنية لا خيارًا إداريًا. فسلامة المدارس والمستشفيات، وأمن المصانع والمنشآت الحيوية، واستدامة البنية التحتية، كلها ملفات تمس المواطن الأردني بشكل مباشر. وأي تقصير في هذه الجوانب لا ينعكس فقط على سلامة الأفراد، بل يهدد الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.

كما أن الرقابة الوقائية تعزز مفهوم الشراكة بين الدولة والمؤسسة، حيث تتحول الجهات الرقابية من دور "الخصم” إلى دور "الشريك” في الوقاية والإرشاد والتوجيه. وهذا بدوره يشجع إدارات المنشآت على الالتزام الطوعي بالمعايير، ويخلق بيئة عمل أكثر أمانًا واستقرارًا، بعيدًا عن منطق الخوف من العقوبة فقط.

ولا يمكن الحديث عن رقابة وقائية ناجحة دون الاستثمار في العنصر البشري والتكنولوجيا الحديثة. فبناء كوادر رقابية مؤهلة، واستخدام أنظمة ذكية لرصد المخاطر، وتحليل البيانات، والتنبؤ بالأعطال، يمثل ركيزة أساسية لهذا النهج. كما أن نشر الوعي المجتمعي بثقافة السلامة والوقاية يشكل خط الدفاع الأول عن المواطن.

إن الانتقال من الرقابة القانونية والفنية التقليدية إلى الرقابة الوقائية لا يعني إلغاء الأولى، بل تكاملها ضمن منظومة شاملة تهدف إلى حماية الإنسان قبل كل شيء. فالمواطن الأردني يستحق أن تحميه الجهات الحكوميه  قبل وقوع الخطر، لا أن تواسيه بعد وقوعه.

وفي الختام، فإن تبني الرقابة الوقائية على المنشآت الوطنية يمثل خطوة سياسية وإدارية مسؤولة، تعكس حرص الدولة الأردنية على سلامة مواطنيها، وتؤسس لمرحلة جديدة من الحوكمة الرشيدة، قوامها الوقاية، والاستباق، وحماية الأرواح قبل حماية الملفات انسجاما مع توجيهات القياده الهاشميه التي رفعت على الدوام شعار الأنسان أغلى ما نملك .

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير