جفرا نيوز -
نيفين عبدالهادي
واحد من الثوابت الأردنية لم يتغيّر ولم يتأثر بأي ظروف، بل على العكس زاد الأردن تشبثا به، وإصرارا على بقائه دون المساس به، هو بقاء وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، ودعمها للقيام بدورها الذي لا غنى عنه في حماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين ورعاية شؤونهم، وإدانة أي انتهاكات إسرائيلية لها ولدورها، بحسم أردني أن لا بديل عن الأونروا، ووجودها يعني حماية للاجئ الفلسطيني وحقوقه.
وكان الأردن أول من أيّد ورحب بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة تجديد ولاية «الأونروا» لمدة ثلاث سنوات إضافية، ورأى به قرارا هاما، وضروريا، ويعكس الثقة الدولية في الدور الحيوي الذي تؤدّيه الوكالة واستمرارية عملياتها، ولذلك بطبيعة الحال أثر كبير على بقاء الأونروا وبقاء عملها، ودورها، وذلك يمثّل ركيزة أساسية للحفاظ على الاستقرار وصون الكرامة الإنسانية وضمان حقوق اللاجئين الفلسطينيين، حتى يصلوا إلى حل عادل ودائم لقضيتهم وفقا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وعبّر الأردن في حينه على أهمية القرار ومفصليته انتصارا للحق الفلسطيني.
وعبر عقود أكد الأردن أهمية وجود ودعم «الأونروا»، وأنه لا بديل لها للقيام بعملها في كافة مناطق عملياتها الخمس، وطالما شدد الأردن على ضرورة دعم المجتمع الدولي إلى ضمان توفير التمويل الكافي والمستدام لها، ومنحها المساحة السياسية والعملياتية اللازمة لمواصلة عملها الحيوي، وطالما رفض الأردن رفضا قاطعا أي محاولات تهدف إلى تفويضها أو تقليص خدماتها التي تشكّل شريان حياة لملايين اللاجئين الفلسطينيين، علاوة على ما قدمه الأردن من دعم مالي على فترات للأونروا إيمانا منه أنه لا يجوز استبدالها فدورها هام، وبدا ذلك جليّا خلال الحرب على قطاع غزة.
وأمس الأول، مع سبع دول شقيقة أدان الأردن اقتحام القوات الإسرائيلية لمقرّ وكالة الأونروا في حيّ الشيخ جرّاح بالقدس الشرقية، لما يمثّله هذا الاعتداء من انتهاك صارخ للقانون الدولي وحرمة مقار الأمم المتحدة، وهو ما يُعدّ تصعيدًا غير مقبول، ويخالف الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية في 22 تشرين الأول 2025، الذي ينصّ بوضوح على التزام إسرائيل كقوة احتلال بعدم عرقلة عمليات الأونروا، في موقف هو الأحدث للأردن مع الأشقاء العرب بوقف الاعتداءات الإسرائيلية على مقار الأونروا، وما حدث في القدس مدان على مستوى عربي ومرفوض، بدعوات أردنية عربية بتدخل المجتمع الدولي لوقف هذه الاعتداءات التي تعدّ خرقا فاضحا للقانون الدولي.
وأعاد الأردن والأشقاء العرب وضع واقع عمل الأونروا تحت مجهر الاهتمام الدولي، بالإشارة إلى أنه على ضوء الأزمة الإنسانية غير المسبوقة في قطاع غزة، برز الدور الأساسي الذي تضطلع به الوكالة في توزيع المساعدات الإنسانية عبر شبكة مراكز التوزيع التابعة لها، بما يضمن وصول الغذاء والمواد الإغاثية والمستلزمات الأساسية إلى مستحقيها بعدالة وكفاءة، وبما يتسق مع قرار مجلس الأمن رقم 2803، كما تُعدّ مدارس الأونروا ومرافقها الصحية شريان حياة لمجتمع اللاجئين في غزة، حيث تواصل دعم التعليم وتوفير خدمات الرعاية الصحية الأساسية رغم الظروف شديدة الصعوبة، وهو ما يدعم تنفيذ خطة الرئيس «ترامب» على الأرض وتمكين الفلسطينيين من البقاء على أرضهم وبناء وطنهم.
رسالة أردنية عربية واضحة بتفاصيل تُغمض العين الدولية عنها، بأن الأونروا حاجة وضرورة في المشهد الإقليمي والعربي والفلسطيني بطبيعة الحال، ودعم بقائها واستمرارية عملياتها أيضا حاجة ماسة، يجب عدم تجاهل ذلك، أو حتى تأجيل حسمه، فدور «الأونروا» غير قابل للاستبدال ولا توجد أيّ جهة أخرى تمتلك البنية التحتية والخبرة والانتشار الميداني اللازم لتلبية احتياجات اللاجئين الفلسطينيين، حقيقة على العالم أن يدركها ويمنع أي اعتداءات عليها، بما يؤثر على خدماتها.