جفرا نيوز -
رنا حداد
يخرج منتخبنا الوطني إلى أرض الملعب، فتبدأ لحظة تسمو فيها القلوب فوق كل همّ وألم. من العاصمة عمان إلى البادية البعيدة، ومن الطفل الصغير الذي يرفع علم الأردن وهو مرفوع على كتف والده، إلى العجوز الذي يرى في المناسبة فرصة ليحكي عن أيام كان فيها الشغف بالمباريات يجمع الأهل والجيران.
في هذه اللحظات، تذوب كل الفوارق: الرجل والمرأة، الكبير والصغير، سكان المدن وسكان البوادي، الجميع يلتف حول شاشة كبيرة أو صغيرة، ليشاهدوا أبطالهم وهم يحملون شرف الوطن على أكتافهم. نشعر بمحبة الأردنيون للأردن، وبمحبة العرب للأردن، لأن المنتخب الوطني أصبح مرآة لقيمنا، للوحدة التي لا تعرف الحدود، وللقلوب التي تحب بلدها بلا قيود.
المنتخب أعاد لنا شيئًا عميقًا، شيئا لم نعد نشعر به كثيرًا: روح الانتماء الصافية، والشعور بأننا معًا في رحلة واحدة. في الشوارع، في الأسواق، في المقاهي، وحتى في الحارات الضيقة. الكل جزء من هذا الاحتفال الكبير، وكأنهم يشاركون القلب نفسه الذي ينبض بحب الوطن.
أحب هذه الحالة التي نعيشها كلنا بلا استثناء، في موعد لقاء منتخبنا مع أي فريق : تخرج من أفواهنا كلمات بسيطة لكنها مليئة بالحب: الحمد لله. شكراً لله، يا رب ، عاش الأردن، كفو النشامى... « هذه الروح التي نعيشها على منتخب يعيد إلينا البسمة رغم كل الصعاب. كلمات صغيرة، لكنها تعبر عن شعور كبير، عن حب لا يحتاج إلى تفسير: «بنحب الأردن».
منتخبنا الوطني ليس مجرد فريق كرة قدم، بل هو مرآة لحبنا لوطننا، وهو رسالة لكل من يشاهدنا أننا بلد واحد، شعب واحد، قلب واحد. هو الحكاية التي تعيدنا إلى أيام الطفولة، حين كانت المباريات تجمع الناس معًا، وتعلمنا أن الفرح الحقيقي ليس في النصر فقط، بل في المشاركة، في القلق، في الدعاء، وفي الشعور بأننا جزء من شيء أكبر من أنفسنا.
حين نرى اللاعبين وهم يقاتلون على أرض الملعب، نشعر أننا معهم، نعيش معهم كل لحظة، ونشعر بأن كل هدف هو قصة نجاح لكل بيت أردني، وكل تمريرة هي لمسة حب للوطن. المنتخب الوطني أعاد لنا الحب البسيط، الحب الصادق، الحب الذي يرفع الكلمة على ألسنتنا بلا شعور بالغطرسة: الحمد لله، وبنحب الأردن، وبنفتخر بكل لاعب وكل مواطن وكل قلب ينبض بحب الوطن.
ولعل الفرحة لا تخلُ من القلق، ولا من الخوف على صحة اللاعبين الذين أعطوا كل شيء من أجل العلم الأردني. حالة الحزن التي خيمت بعد إصابة يزن في المباراة الأخيرة ضد العراق، كانت كأنها ألم شخصي لكل أردني. الكبار والصغار، الرجال والنساء، شاركوا في الدعاء له بالسلامة، وكل بيت أصبح كأنه غرفة واحدة مليئة بالقلق والحب في الوقت نفسه. هذه المشاعر، الصادقة والعميقة، لم تكن مجرد انفعال عابر، بل كانت شهادة على أن الوطن عندما يجمعنا، يجمعنا على قلب واحد وروح واحدة.
منتخبنا الوطني أعاد لنا الفرح الأردني الأصيل، وأعاد روح الوحدة، وجمعنا جميعًا على قلب واحد، لنشعر أن الأردن ليس مجرد بلد، بل هو وطن نعيش فيه بكل حبنا وفخرنا، وأننا مهما ابتعدنا، سيبقى المنتخب شعلة تجمعنا وتذكرنا دائمًا بما نحن عليه: شعب واحد، قلب واحد، وروح لا تنكسر.