النسخة الكاملة

جرار يكتب: تسريبات معتَبَرة

الثلاثاء-2025-12-09 10:53 am
جفرا نيوز -
بشار جرار

اعتادت معظم الدول رفع السرية عن بعض وثائقها بعد ثلاثين عاما، حتى أتى زمان الهواتف الجوالة بتطبيقاتها الذكية وذكائها الاصطناعي، فاختصرت المسافة -»المسافة صفر»- إلى ثلاث سنوات، ثلاثة شهور أو أيام!

ثمة من أراد الصبر على ملابسات وتداعيات سقوط حكم الأسد أو إسقاط نظام بشار عاما كاملا، فأتت التسريبات المجلجلة، لا جلالا بل ما «يُخجل ويُقرِف» بحسب بعض ما ورد فيها على لسان الأسد «الابن» من حرب الأربعة عشر عاما في سوريانا المكلومة التي أراد المجرمون بحقها -من الداخل والخارج- طعنها في الخاصرة ومن الظّهر.

لا يتطلب الأمر سوى مراجعة الصوت والصورة وزاوية ما سمح تصويره وتسجيله وكتمه إلى الأبد أو لعله إلى حين، في تلك الرحلات الانفرادية التي قاد بها «سيادة» الرئيس الفار أو المخلوع السيارة بنفسه إلى يمينه مستشارته الإعلامية التي -إن صدقت الروايات- ثمة من أراد الانتقام منها لدور أو أدوار يبدو أن بداية كشفها ذاتُ صلة بما أحدثته صدمة التسريبات التي بثتها قناتا العربية-الحدث.

زاوية التصوير توارت في المقعد الخلفي للسيارة التي كان يقودها «سيادة الرئيس-الرفيق». التوثيق الذي تخلله القليل من التعليق، يفيد صاحب التسريب بأنه يعود لأمجد عيسى، ساعد لونا الشبل الأيمن، والذي فضح ما كان يخفيه الأسد من تجاوزات لم يسلم منها حتى أقرب حلفائه السوريين والإقليميين والدوليين، فيما كان يسمى «محور المقاومة والممانعة»، زاوية التصوير والتسجيل الصوتي كشفت ما هو أبعد من ثلاثمئة وستين درجة، سياسيا وأمنيا. الصورة الجلية كان بالإمكان تفاديها لو اعتبر بعض المتحكّمين برقاب الأحرار أو اتخذوا عبرة مما كشفته تسريبات سابقة لعديد من النظم التي تهاوت من الداخل أولا، كنظامي الراحلين صدام حسين ومعمر القذافي حيث كشفت فيديوهات ووثائق مدى فساد الطغم الحاكمة ودمويتها بما في ذلك ما يثبت أن سلوك تلك الأنظمة وبعض دوائره الضيقة حزبيا وعسكريا وحتى أسريا كانت أبعد ما تكون عن الصورة التي كانت رائجة وما زالت في أذهان كثير من المخدوعين أو المضللين. أسطوانة «الفبركة» وزعم زيف ما تم كشفه من الوجه الحقيقي لبعض النظم ورموزه، صارت مشروخة أمام حجم التسريبات الصادمة التي كان من الواجب أن تشكل عبرة للظالمين والواهمين أيضا.

الشكر موصول لمن قدّم ذلك «المظروف» المختوم بعبارة «سري للغاية» في هذا التوقيت المفصلي، علّ من نكّلوا وتواطئوا ونظّروا يناظرون المرآة، فيخجلون ويسارعون إلى الاعتذار أمام الله أولا. ولله سبحانه الفضل من قبل ومن بعد بأن عاهد الخلق بألا يدوم ظلم وإن طغى وتجبّر، وإن تطلب الأمر أحيانا دفع الناس بعضها بعضا، وضرب الظالمين بالظالمين كما يقال.

التاريخ سينصف، ويرد اعتبار كل من عانوا أذى تلك النظم الفاسدة روحيا وأخلاقيا قبل أن تصير خاوية على عروشها.

اللهم محبة وحكمة وقوة، تعيد بناء ما دمره الظالمون في أوطاننا وبلادنا الشقيقة، سيما من تربطنا بهم أواصر القربى والجوار.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير