جفرا نيوز -
د. عامر العودات
إنّ لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني بالمستشار الألماني فريدريش ميرتس يأتي في لحظة إقليمية حسّاسة تتشابك فيها الملفات الأمنية والاقتصادية والسياسية، ويعكس إدراكًا متبادلًا لدى عمّان وبرلين بأن طبيعة التحديات لم تعد تسمح بهوامش واسعة من التباين، بل تتطلّب تنسيقًا مباشرًا ومستمرًا بين الشريكين.
على المستوى الاستراتيجي، يمثل الأردن بالنسبة لألمانيا ركيزة استقرار في الشرق الأوسط، ودولة تمتلك خبرة طويلة في إدارة الأزمات الإقليمية، سواء المتعلقة بالقضية الفلسطينية أو تداعيات الصراعات في سوريا والعراق. وفي المقابل، تبدو برلين شريكًا مهمًا للأردن في ملفات الدعم الاقتصادي، والتعاون العسكري والأمني، إضافة إلى دورها داخل الاتحاد الأوروبي في توجيه السياسات المرتبطة بالمنطقة.
أما في السياق الإقليمي، فإن توقيت اللقاء يعكس رغبة أردنية في حشد دعم أوروبي أكثر وضوحًا تجاه ضرورة وقف التصعيد في الإقليم، وتعزيز الجهود الإنسانية، وتمكين الأردن من مواصلة دوره المحوري في حماية الاستقرار. كما يمثل فرصة لبحث آفاق أوسع في مجالات الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا، والتعليم المهني—وهي مسارات تتقاطع مع رؤية التحديث الاقتصادي الأردنية.
على الصعيد السياسي، فإن التواصل المباشر مع القيادة الألمانية، خاصة مع شخصية مؤثرة مثل ميرتس، يرسل رسائل متعددة:
1. أن الأردن ماضٍ في تعزيز تحالفاته الغربية لضمان بقاء قضاياه حاضرة على طاولات صنع القرار الدولي.
2. أن برلين ترى في عمّان شريكًا يعتمد عليه في رسم مقاربات أكثر واقعية للشرق الأوسط.
3. أن التعاون الأردني–الألماني مرشح للتوسع في ضوء التحولات الجارية وعجز الأطراف الإقليمية والدولية عن تقديم حلول مستدامة منفردة.
باختصار، يحمل اللقاء دلالة سياسية واضحة مفادها أن الأردن يتحرك بدبلوماسية نشطة للحفاظ على موقعه كفاعل مستقر وموثوق في منطقة مضطربة، وأن ألمانيا تتجه لتعميق شراكتها مع دولة أثبتت قدرتها على إدارة التوازنات الدقيقة في الإقليم.